توجيه المجلسي لكلام الصدوق:
وقال العلامة المجلسي معلقا على كلام الصدوق هذا: إن الظاهر أن الصدوق (رحمه الله) أراد بذلك الجمع بين الآيات والروايات، ودفع ما يتوهم من التنافي بينها، لأنه دلت الآيات على نزول القرآن في ليلة القدر، والظاهر نزول جميعه فيها، ودلت الآثار والأخبار على نزول القرآن في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة، وورد في بعض الروايات أن القرآن نزل في أول ليلة من شهر رمضان، ودل بعضها على أن ابتداء نزوله في المبعث، فجمع بينهما بأن في ليلة القدر نزل القرآن جملة من اللوح إلى السماء الرابعة، لينزل من السماء الرابعة إلى الأرض بالتدريج، ونزل في أول ليلة من شهر رمضان جملة القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله) ليعلم هو، لا ليتلوه على الناس، ثم ابتداء نزوله آية آية وسورة سورة في المبعث أو غيره، ليتلوه على الناس، وهذا الجمع مؤيد بالأخبار (1).
تعدد نزول القرآن:
نعم، لقد وردت - كما قال في البحار - روايات كثيرة من طرق العامة والخاصة تدل على تعدد نزول القرآن، وأنه نزل إلى البيت المعمور أولا، ثم انزل من البيت المعمور تدريجا في خلال عشرين أو نيف وعشرين سنة، وسيأتي بعضها إن شاء الله تعالى.
ولكنها - مع كثرتها واختلاف ألفاظها ودلالاتها - لا تدل على أن القرآن قد نزل جملة واحدة أولا على النبي ثم انزل عليه نجوما إلا رواية واحدة ضعيفة السند منقولة عن المفضل بن عمر، وستأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
ومن تلك الروايات الكثيرة المشار إليها ما رواه الكليني (رحمه الله) عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن القاسم عن محمد بن سليمان عن داود عن حفص