وحينئذ، وحيث ثبت أنه (صلى الله عليه وآله) كان يعجل في قراءة القرآن قبل كمال الوحي وتمامه فلابد وأن يكون ذلك منه (صلى الله عليه وآله) لغرض مقتض لذلك التعجيل، وهو كما عن الدر المنثور خوف النسيان، فنهاه عز وجل عن التعجيل هذا، مما يعني تعهدا ضمنيا منه عز وجل بأنه لا ينساه، وإلا لم يكن معنى للنهي المذكور.
* * * 3 - قوله تعالى: * (سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى * ونيسرك لليسرى * فذكر إن نفعت الذكرى) * (1).
أظهر الآيات بحسب الدلالة:
ودلالة هذه الآية على المطلوب أظهر من الآيات المتقدمة حيث إنه تعالى وعد نبيه (صلى الله عليه وآله) بالإقراء، الذي هو - على ما نص عليه أهل اللغة - أخذ القراءة على القارئ بالاستماع لتقويم الزلل، يقال: أقرأ الأستاذ، فقرأ التلميذ، لتثبيت القراءة في ذهن ذلك التلميذ، أو لتصحيح قراءته وتنقيتها من الأغلاط.
فمحصل معنى الآية: نحن نجعلك قارئا، وإنك لا تنسى لأننا نثبت القراءة في ذهنك لتتمكن من قراءة القرآن كما انزل، من غير تبديل بزيادة أو نقيصة، أو تحريف بسبب النسيان.
وعليه، فالإقراء المراد بالآية هو الإقراء لتثبيت الألفاظ في الذهن لا الإقراء لتصحيح الأغلاط، إذ لم يعهد من النبي (صلى الله عليه وآله) أنه يقرأ شيئا فيغلط فيه أو لا يحسن قراءته.
لماذا التعليق على المشيئة؟
وأما قوله تعالى: " إلا ما شاء الله " فهو كما قال العلامة الطباطبائي في تفسير