ما يقول (1). روى مثله مسلم والبيهقي، وفي الطبقات والبداية والنهاية قريب منه أيضا.
وروى في الطبقات عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عمه أنه بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: كان الوحي يأتيني على نحوين: يأتيني به جبرئيل فيلقيه علي كما يلقي الرجل على الرجل فذلك يتفلت مني، ويأتيني في شئ مثل صوت الجرس حتى يخالط قلبي، فذاك الذي لا يتفلت مني (2).
ويستفاد من هذه الأحاديث أن الغشية إنما كانت تصيبه لو لم يكن جبرئيل بينه وبين الله عز وجل، أما إذا كان جبرئيل فلا يصيبه شئ من ذلك، وهذه النقطة - وهي حصول السبتة والغشية له (صلى الله عليه وآله) لو لم يكن جبرئيل - لابد من بحثها وتمحيصها، ولسنا الآن في صدد ذلك، وإنما ذلك له محل آخر.
فما روي في طبقات ابن سعد مطلقا من أنه (صلى الله عليه وآله) إذا أوحي إليه وقذ لذلك كهيئة السكران - ولا يخفى ما في هذا التعبير من الإساءة إلى قدس رسول الله (صلى الله عليه وآله) - أو فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض، ولا يتثبته أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد - كما عن مسند أحمد - غير مقبول، ولابد من حمله على صورة ما لو لم يكن جبرئيل هو الواسطة بينه (صلى الله عليه وآله) وبين الله سبحانه.
وما عن أبي عوانة في صحيحه بعد قوله (صلى الله عليه وآله) " وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ": وهو أهونه علي (3) يشهد ويدل على أن تكليم جبرئيل كان أهون الوحي وأسهله على النبي (صلى الله عليه وآله).
لماذا السبتة؟
ولعل حصول السبتة وعروض الغشية له (صلى الله عليه وآله) إذا كان الوحي بلا واسطة - إن