من هم كتاب الوحي؟
إن الذين كانوا يعرفون القراءة في الصدر الأول من الإسلام كانوا قلة قليلة جدا، أما الذين كانوا يعرفون الكتابة فأقل من هذا القليل. وحيث كان تدوين القرآن وكتابة الوحي من الأهمية بمكان لحفظه من الضياع أو الاختلاف لم يكن مانع من الاستعانة بأي كان، ممن يعرف القراءة والكتابة. بعد التأكد من صحة ما يكتب وموافقته للوحي. هذا وقد اختلفت الآراء في الذين كانوا يكتبون الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) عدا وتشخيصا، حتى لقد عد بعضهم من لم يكتب الوحي في جملة من كتبه، وآخرون أهملوا من كتب الوحي وعدوا من لم يكتبه، إلا أن فئة ثالثة أهملت الخوض في التفاصيل واكتفت بعد من كتبوا للنبي (صلى الله عليه وآله) من دون تقييد بكونه كتب الوحي أو غيره. ولعل سر ذلك الاختلاف يعود إلى الخلط بين من كان يقوم بكتابة الوحي وبين من كان يكتب الرسائل والعهود ونحو ذلك، هذا إن لم نقل أن التعصبات المذهبية قد كان لها - إلى حد ما - أثرها في ذكر من ذكر وإهمال من أهمل.
وبعد كل ما تقدم نقول: إن كتاب الرسول (صلى الله عليه وآله) سواء من كان يكتب الوحي فقط أو غيره فقط أو هما معا - كتابه (صلى الله عليه وآله) بهذا المعنى - كثيرون، ولعلهم كانوا على ما في السيرة الحلبية ستة وعشرين كاتبا، وعلى ما في محكي السيرة للعراقي اثنين وأربعين.
قال في الاستيعاب في ترجمة أبي: وكان من المواظبين على كتابة الرسائل