حتى ليعرفون ويتناقلون ما نزل منه قبل الهجرة وما نزل بعدها، وما نزل بالحضر وما نزل بالسفر - إلى أن قال: - فلا يعقل بعد هذا أن يسكتوا ويتركوا أحدا يمسه ويعبث به (1).
المراد من المكي والمدني:
قال في الإتقان: اعلم أن للناس في المكي والمدني اصطلاحات ثلاثة، أشهرها: أن المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعدها، سواء نزل بمكة أو نزل بالمدينة - إلى أن قال: - الثاني: أن المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة - إلى أن قال: - الثالث: أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة (2).
وأما نحن فنختار الاصطلاح الأول ونسير في بحثنا على وفقه، لأنه مضافا إلى شهرته هو تعريف جامع، لا يشذ عنه أي من الموارد، وذلك لأن التقسيم على هذا الاصطلاح يكون من قبيل الحصر العقلي الدائر بين النفي والإثبات دون أن يكون هناك واسطة، بخلاف التعريفين الثاني والثالث، فإنهما غير شاملين لبعض السور. فسورة الفتح مثلا، فإنها بتمامها أو بعضها نزلت بين مكة والمدينة عند رجوع النبي (صلى الله عليه وآله) من الحديبية، فالاصطلاح الثاني إذا لا يشملها، لأنها لم تنزل في مكة ولا في المدينة.
وأما على الاصطلاح الثالث فلأنها غير مصدرة ب " يا أيها الناس " لتكون مكية ولا ب " يا أيها الذين آمنوا " لتكون مدنية، وأما على المختار فهي مدنية لنزولها بعد الهجرة.