غيرهم، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
وأما بالنسبة إلى النوع الثاني فيختلف المعجز أيضا فيه باختلاف الأديان، فما كان لدين موقت كان المعجز فيه موقتا، وما كان لدين خالد كان المعجز فيه خالدا، وذلك هو السر في كون المعجز لموسى (عليه السلام) أمرا مشاهدا يختص بالمشاهدين وبمن يعيش في ذلك العصر أو بعده بقليل، بحيث يتسنى له أن يطلع على خبر تلك المعجزة عن طريق التواتر القطعي.
وذلك هو السر أيضا في كون معجزة نبي الإسلام أمرا عقليا يبقى ببقاء الدنيا لأنها لدين خالد باق كذلك. وبهذا احتج بعض المحققين على بعض أفراد اليهود حيث قال له: إن كانت شريعة موسى عامة لجميع البشر فحيث لم تكن معجزاته (عليه السلام) مشاهدة فلابد من الأخبار المتواترة الدالة عليها، وهي مفقودة، لأن عدد المخبرين في كل جيل لم يبلغ عددا يمنع العقل من تواطئهم على الكذب، فحينئذ إذا لزم على الناس تصديقكم بما تخبرون به فلم لا يجب على الناس تصديق المخبرين الآخرين في نقلهم عن أنبيائهم؟ ولم لا تصدقون الأنبياء الآخرين؟!
وأجاب: إن معاجز موسى ثابتة عند كل من اليهود والنصارى والمسلمين، وأما معاجز غيره فلم يعترف بها الجميع فنحتاج إلى الإثبات.
فقال له: إن معجزات موسى لم تثبت عند المسلمين ولا عند النصارى إلا بإخبار نبيهم بذلك لا بالتواتر، فإذا لزم تصديق المخبر الذي يدعي النبوة لزم الإيمان به. وأما القرآن الكريم الذي كان آية لنبوة رسول الإسلام كان إعجازه باقيا في كل زمان، فصار حجة لجميع الناس في كل عصر (1).
الإعجاز لغة واصطلاحا:
لقد جاء في اللغة عدة معان لكلمة " المعجز " مثل: الفوت، يقال: أعجزه