وأجيب بأن الأدلة الآتية لإثبات حجية الكتاب الموجود دالة على حجيته والوثوق به، وهو أعم من بقاء القرآن حسب ما انزل من دون وقوع نقيصة فيه، إذ من الممكن أن يكون الساقط غير مخل سقوطه في ظهور الباقي فيما يراد منه.
4 - إن شدة الاهتمام والضبط في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وبعده في حفظ الكتاب أخرج سقوط شئ منه عن مجرى العادة.
وأجيب بأن ذلك ينتقض في كثير من الأحكام التي كانت دواعي حفظها وضبطها أوفر وأكثر لعامة المسلمين من حفظ كل آية آية من القرآن. وذلك مثل الأذان الذي يسمعه الرجال والنساء والصبيان أكثر من مرة يوميا، ومع ذلك فقد اتفقت كلمة الإمامية على أن من أجزائه وأجزاء الإقامة " حي على خير العمل ".
وأجمع أهل السنة بعد شيوع التعليم فيهم على خلاف ذلك. وكالوضوء، فإنه شرع من يوم شرعت الصلاة في أول البعثة، كما وأنه يستحب لغايات كثيرة أخرى، وكان الصحابة يشاهدون وضوءه (صلى الله عليه وآله) في غالب الأوقات، ومع ذلك فقد وقع فيه الكلام والخلاف بين المسلمين، وعلى هذه فقس ما سواها.
تلك كانت عمدة أدلة القائلين بالتحريف والجواب عنها، وأدلة القائلين بعدمه والمناقشات فيها. ولكن لما كان هذا البحث علميا صرفا لا تترتب عليه أية نتيجة عملية لأن الكل مجمعون على حجية هذا القرآن وقرآنيته فلا نرى في بسط الكلام في هذا الموضوع مزيد فائدة، فالأولى صرف عنان الكلام إلى إثبات قرآنية هذا القرآن الموجود بالبراهين والأدلة القاطعة، فنقول:
أدلة حجية هذا القرآن وقرآنيته:
إن عمدة الأدلة في المقام هي: السيرة العملية القطعية من عصر جمع القرآن إلى زماننا هذا من المسلمين بأجمعهم، من دون شك أو تردد من أحد على الإطلاق. وكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يستدلون باستمرار بهذا القرآن على ما يريدون ويرشدون إلى طريق الاستفادة منه، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام)