عن ذلك في محله:
(أولا) بأن حمل الظاهر على ظاهره ليس تفسيرا بالرأي، لأن التفسير هو كشف القناع، ولا قناع للظاهر.
(وثانيا) لو سلم فهو ليس من التفسير بالرأي.
وكيف كان، فكلامهم ناظر إلى أمر آخر لا يرتبط بالتحريف أصلا.
وإذا كان لم يوجد ولا يوجد إن شاء الله تعالى من يشك في القرآن الموجود ولا في حجيته أصلا حتى من القائلين أو المنسوب إليهم القول بالتحريف أو بالنقيصة، بل الكل قائلون بحجية هذا القرآن وقرآنيته وأنه كلام الله - فلا يبقى للبحث عن التحريف قيمة أصلا، بل يكون بحثا علميا صرفا لا يهم أحدا ولا يستفيد منه أحد، سواء في طرف الإثبات أو في طرف النفي على حد سواء. إذا فلا أهمية لذكر أدلة التحريف أو أدلة عدمه، ولا لإطالة الكلام فيها، ولا لمعرفة من يقول بالتحريف أو يقول بعدمه.
ومع ذلك، فنحن نذكر أدلة كل من الطرفين، ونلاحظ مقدار دلالتها على مطلوبهم.
أدلة التحريف ومناقشتها:
1 - الأحاديث الكثيرة الدالة على أن ما وقع في بني إسرائيل يقع في هذه الأمة حذو القذة بالقذة، ومطابق النعل بالنعل، وحيث إن بني إسرائيل قد حرفوا كتابهم - على ما يصرح به القرآن الكريم والروايات المأثورة - فلابد إذا من أن يقع ذلك في هذه الأمة، فيحرفوا كتابهم.
فمنها: ما في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا حجر ضب لسلكتموه... الخ (1).