ف * (ذلك الكتاب) * هو الذي يؤمن به المؤمن، وهو الغيب الذي آمن به المؤمنون والمتقون، المشار إليه بقوله تعالى: * (الذين يؤمنون بالغيب...) * إلى قوله: * (وبالآخرة هم يوقنون) *، وذلك هو * (الكتاب) * الذي * (لا ريب فيه) *، ولا يشوبه العدم الذي هو منشأ الريب، وهو الذي يبقى بالبقاء الذاتي، ولا يضمحل بظهور صفة القاهرية عليه، بخلاف غيره من الكتب حتى أم الكتاب، فإنه يطرؤه الريب لاحتفافه بالعدمين، ويندك جبل أنانيته بظهور الصفة المزبورة، فعليه كيف يصح نفي الريب عنه؟!
فما لا ريب فيه هو ذاك، رزقني الله وإياك.
وذلك الكتاب الذي لا ريب فيه حقيقة، ولا يرتاب فيه بوجه، نفس الهداية وحقيقتها، وليست الهداية زائدة على ذاته، وبتلك الهداية المتحدة مع الكتاب الحقيقي يهتدي المتقون، وهي الأشياء كلها، فإن كل موجود - بحسب ما تقرر في محله - من ذوي العقول والإدراك (1)، فيكون من المتقين، قال الله تعالى: * (إن من شي ء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) * (2)، ولا يختص الاهتداء بذلك الكتاب بطائفة دون طائفة وبثلة دون ثلة، بل جميع الحقائق تعتدل في السير إلى المبدأ المسانخ معه بالهداية الذاتية الثابتة للكتاب الحقيقي، ومن تلك الحقائق الأسماء الإلهية والصفات الربانية، فإنها من الأوصاف العادلة غير المتجاوزة من حد الإفراط إلى حد التفريط، بل كلها سوية مستوية الذات لأجل تلك