ثمرات هذه الآية المذكورة بعد الآية السابقة، وهذا مما لا يهمنا بحثه هنا، وما هو مقصودنا هو أن الجمع المزبور استغراقي أو مجموعي، أي صراط الذين أنعمت عليهم صراط واحد، لأن الذين أنعم عليهم لوحظوا بوصف الوحدة، أم هو كثير بالكثرة الأفرادية، أي صراط كل واحد من الذين أنعمت عليهم، فيطلب السبل الكثيرة والصرط المتعددة.
والذي يظهر للمتدبر: أن الثاني لا وجه له، ضرورة أن الإنسان لا يتمكن إلا من أن يسلك سبيلا واحدا، فكيف يسأل ربه أن يهديه السبل الكثيرة، وإن كانت كلها مستقيمة ومن المنعم عليهم؟!
ومن الممكن أن يقال: إنه سأل الكثير حتى يعطى واحدا، وذلك إحدى طرق التكدي والالتماس والدعاء والاستجداء، وإني بعد ما وجدت في كتب التفاسير من كشف النقاب عن هذه المعضلة، ولكنك أحطت فيما سلف: بأن المسالك في وحدة الصراط وكثرته مختلفة، والنظر هنا فيما هو الظاهر من الآية الكريمة.
ولا يبعد كونه العام المجموعي، أي صراط هؤلاء الناس هو الصراط المستقيم، من غير نظر إلى كون الأشخاص الكملين نفس الصراط، وعلى هذا لا يبقى احتمال كون * (غير المغضوب عليهم) * استثناء من * (الذين أنعمت عليهم) *، لأن الاستثناء يحسن من العام الاستغراقي.