تفسير القرآن الكريم - السيد مصطفى الخميني - ج ٢ - الصفحة ١٧١
من قبيل بدل الغلط حتى يتوهم: أن المتكلم انصرف من طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، إلى صراط الذين أنعمت عليهم، توهما: أن الاستقامة حسب التشخيصات مختلفة، كما لا يخفى، وحيث إن الإنعام غير معلوم الوجه، اختلفت كلماتهم في المراد من الصراط المستقيم، كما مر تفصيله وتحقيقه.
فما قد يتوهم: أن الاختلاف في المراد من الصراط المستقيم غير صحيح، لما أن السورة الشريفة قد تكفلت بيانه، ساقط جدا.
ومن الممكن أن يقال: إن المراد من الإنعام إذا كان شيئا خاصا - مثل الإسلام والإيمان أو التوحيد والقرآن أو غير ذلك - فيكون الصراط الثاني بدل البعض من الكل، أو عطف بيان للمصداق الأهم والفرد الأكمل، ولا يستلزم الحصر وانحصار الصراط الأول في الثاني.
وربما ينسب في تفاسير العامة - كتفسير ابن حيان وغيره ممن يأخذ عنه كثيرا - إلى صادق أهل البيت (عليهم السلام)، أنه قال: " إن الصراط الثاني غير الأول " (1) من غير تدقيق في صحة النسبة وعدمها، وقد توهموا أن ذلك من تبعات القول بأن الصراط الثاني معطوف على الأول بالواو المحذوف.
وإني بعد ما تفحصت مصادرنا ما وجدت فيها، حتى الرواية الضعيفة الحاكية لقوله (عليه السلام)، فما بال هؤلاء الجهلة السقطة؟! وما عليهم إلا وزر ما نسبوه إليه عليه الصلاة والسلام، مع أن من الممكن أن يكون النظر إلى أن الصراط الأول هي الهداية إلى الإسلام والإيمان، والصراط

1 - راجع البحر المحيط 1: 27، وروح المعاني 1: 88.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست