ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير (39).
اللغة: النفر: الخروج إلى الشئ لأمر هيج عليه، ومنه نفور الدابة، يقال نفرت الدابة نفورا، ونفر إلى الثغر نفرا ونفيرا، والتثاقل: تعاطي إظهار ثقل النفس، ومثله التباطؤ، وضده التسرع. والمتاع: الانتفاع بما يظهر للحواس، ومنه قولهم:
تمتع بالرياض والمناظر الحسان، ويقال للأشياء التي لها أثمان متاع تشبيها به.
والاستبدال: جعل أحد الشيئين بدل الآخر، مع الطلب له.
الاعراب: اثاقلتم: إفاعلتم، وأصله تفاعلتم، أدغمت التاء في الثاء لمناسبتها لها، ثم أدخلت ألف الوصل ليمكن الابتداء بها، ومثله إداركوا، وأتابع في قول الشاعر:
تولي الضجيع إذا ما اشتاقها خصرا * عذب المذاق إذا ما أتابع القبل (1) النزول: قالوا: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من (الطائف)، أمر بالجهاد لغزوة الروم، وذلك في زمان إدراك الثمار، فأحبوا المقام في المسكن والمال، وشق عليهم الخروج إلى القتال، وكان عليه السلام قلما خرج في غزوة إلا كنى عنها وورى بغيرها إلا (غزوة تبوك)، لبعد شقتها، وكثرة العدو، ليتأهب الناس، فأخبرهم بالذي يريد، فلما علم الله سبحانه تثاقل الناس، أنزل الآية.
المعنى: ثم عاتب سبحانه المؤمنين في التثاقل عن الجهاد، فقال: (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم) أي: إذا دعاكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال لكم (انفروا في سبيل الله) أي: اخرجوا إلى مجاهدة المشركين، وهو ههنا (غزوة تبوك)، عن الحسن، ومجاهد (اثاقلتم إلى الأرض) أي: تثاقلتم وملتم إلى الإقامة في الأرض التي أنتم عليها. قال الجبائي: هذا الاستبطاء مخصوص بنفر من المؤمنين، لأن جميعهم لم يتثاقلوا عن الجهاد، فهو عموم أريد به الخصوص بدليل (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) هذا استفهام يراد به الانكار، ومعناه: آثرتم الحياة الدنيا الفانية