اغفر له وارحمه وقوله (أن تقبل) في موضع نصب، وتقديره من أن تقبل، و (أنهم كفروا بالله) في موضع رفع، المعنى: ما منعهم من قبول نفقاتهم إلا كفرهم، ويجوز أن يكون التقدير: وما منعهم الله منه إلا لأنهم كفروا.
المعنى: ثم بين سبحانه أن هؤلاء المنافقين لا ينتفعون بما ينفقونه مع إقامتهم على الكفر، فقال: (قل) يا محمد لهؤلاء (أنفقوا طوعا أو كرها) أي: طائعين، أو مكرهين (لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين) معناه: وإنما لم يتقبل منكم لأنكم كنتم متمردين عن طاعة الله، والله سبحانه إنما يتقبل من المؤمنين المخلصين (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله) أي: وما يمنع هؤلاء المنافقين أن يثابوا على نفقاتهم إلا كفرهم بالله وبرسوله، وذلك مما يحبط الأعمال، ويمنع من استحقاق الثواب عليها (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) أي:
متثاقلين، والمعنى: لم يؤدوها على الوجه الذي أمروا أن يؤدوها على ذلك الوجه (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) لذلك، لأنهم إنما يصلون وينفقون للرياء والتستر بالإسلام، لا لابتغاء مرضاة الله تعالى. وفي هذا دلالة على أن الكفار مخاطبون بالشرائع لأنه سبحانه ذمهم على ترك الصلاة والزكاة، ولولا وجوبهما عليهم لم يذموا بتركهما.
(فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد جميع المؤمنين. وقيل: يريد لا تعجبك أيها السامع، أي: لا يأخذ بقلبك ما تراه من كثرة أموال هؤلاء المنافقين، وكثرة أولادهم، ولا تنظر إليهم بعين الإعجاب (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا) قد ذكر في معناه وجوه أحدها: إن فيه تقديما وتأخيرا أي: لا يسرك أموالهم وأولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة، عن ابن عباس، وقتادة. فيكون الظرف على هذا متعلقا بأموالهم وأولادهم، ومثله قوله تعالى (فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون) والتقدير فألقه إليهم، فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم وثانيها: إن معناه: إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا بالتشديد عليهم في التكليف، وأمرهم بالإنفاق في الزكاة والغزو، فيؤدونها على كره منهم ومشقة، إذ لا يرجون به ثوابا في الآخرة، فيكون ذلك عذابا لهم، عن الحسن، والبلخي. وثالثها: إن معناه: إنما يريد الله ليعذبهم بحفظها والمصائب فيها مع حرمان المنفعة بها، عن ابن زيد. ورابعها: إن معناه: