وربما قالوا للراكب وضع بغير ألف، ووضعت الناقة تضع وضعا ووضوعا، وأوضعتها إيضاعا قال:
يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع (1) خلالكم: أي بينكم، مشتق من التخلل. وفي الحديث تراصوا بين الصفوف لا يتخللكم الشياطين كأنها بنات حذف (2). والتقليب: تصريف الشئ بجعل أعلاه أسفله، ورجل حول قلب: كأنه يقلب الآراء في الأمور، ويحولها.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء المنافقين، فقال: (ولو أرادوا الخروج) مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نصرة له، أو رغبة في جهاد الكفار، كما أراد المؤمنون ذلك، (لأعدوا له عدة) أي: لاستعدوا للخروج عدة، وهي ما يعد لأمر يحدث قبل وقوعه. والمراد: لأخذوا أهبة الحرب من الكراع والسلاح، لأن إمارة من أراد أمرا أن يتأهب له قبل حدوثه. (ولكن كره الله انبعاثهم) معناه ولكن كره الله خروجهم إلى الغزو، ولعلمه أنهم لو خرجوا لكانوا يمشون بالنميمة بين المسلمين، وكانوا عيونا للمشركين، وكان الضرر في خروجهم أكثر من الفائدة (فثبطهم) عن الخروج الذي عزموا عليه، لا عن الخروج الذي أمرهم به، لأن الأول كفر، والثاني طاعة، ولا ينبغي أن يقال كيف كره انبعاثهم بعدما أمر به في الآية الأولى؟ لأنه إنما أمر بذلك على وجه الذب عن الدين، ونية الجهاد، وكره ذلك على نية التضريب والفساد، فقد كره غير ما أمر به. ومعنى ثبطهم: بطأ بهم، وخذلهم لما يعلم منهم من الفساد.
(وقيل اقعدوا مع القاعدين) أي: وقيل لهم: اقعدوا مع النساء والصبيان، ويحتمل أن يكون القائلون لهم ذلك أصحابهم الذين نهوهم عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، للجهاد. ويحتمل أن يكون ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم على وجه التهديد والوعيد، لا على وجه الإذن. ويجوز أن يكون أيضا على وجه الإذن لهم في القعود الذي عاتبه الله تعالى عليه، إذ كان الأولى أن لا يأذن لهم ليظهر للناس نفاقهم. قال أبو مسلم: هذا يدل على أن الاستئذان كان في الخروج، وأن الأذن من