معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون (42) عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين (43) القراءة: في الشواذ قراءة الأعمش (لو استطعنا) بضم الواو، وقد مضى الكلام فيه أوائل سورة البقرة.
اللغة: القاصد: السهل المقصد عن غير طول، لأنه مما يقصد لسهولته، وسمي العدل قصدا لأنه مما ينبغي أن يقصد. والشقة: القطعة من الأرض التي يشق ركوبها على صاحبها لبعدها، ويحتمل أن يكون من الشق الذي هو الناحية من الجبل، ويحتمل أن يكون من المشقة. والشقة: السفر والمسافة، وقريش يضمون الشين، وقيس يكسرونها، وقريش يضمون العين من بعدت، وقيس يكسرونها.
المعنى: ثم أمر سبحانه بالجهاد، وبين تأكيد وجوبه على العباد فقال (انفروا) أي: اخرجوا إلى الغزو (خفافا وثقالا) أي: شبانا وشيوخا، عن الحسن، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، وغيرهم. وقيل: نشاطا وغير نشاط، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: مشاغيل وغير مشاغيل، عن الحكم. وقيل: أغنياء وفقراء عن أبي صالح. وقيل: أراد بالخفاف: أهل العسرة من المال، وقلة العيال، وبالثقال: أهل الميسرة في المال، وكثرة العيال، عن الفراء. وقيل: معناه ركبانا ومشاة، عن أبي عمرو، وعطية العوفي. وقيل: ذا صنعة وغير ذي صنعة عن ابن زيد. وقيل: عزابا ومتأهلين، عن يمان. والوجه أن يحمل على الجميع، فيقال:
معناه اخرجوا إلى الجهاد خف عليكم أو شق على أي حالة كنتم، لأن أحوال الانسان لا تخلو من أحد هذه الأشياء (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله): وهذا يدل على أن الجهاد بالنفس والمال واجب على من استطاع بهما، ومن لم يستطع على الوجهين، فعليه أن يجاهد بما استطاع (ذلكم خير لكم) معناه أن الخروج والجهاد بالنفس والمال خير لكم من التثاقل وترك الجهاد إلى مباح (إن كنتم تعلمون) أن الله عز اسمه صادق في وعده ووعيده. وقيل: معناه إن كنتم تعلمون الخير في الجملة فاعلموا أن هذا خير، قال السدي: لما نزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس فنسخها الله تعالى بقوله: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى) الآية.