في السنين الشداد القحاط، يكال به الطعام. وقيل: كان من ذهب، عن ابن زيد، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: كان من فضة وذهب، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: كان من فضة مرصعة بالجواهر عن عكرمة.
ثم ارتحلوا وانطلقوا (ثم أذن مؤذن) أي: نادى مناد مسمعا معلما (أيتها العير) أي: القافلة، والتقدير: يا أهل العير! وقيل: كانت القافلة من الحمير، عن مجاهد (إنكم لسارقون) قيل: إنما قال ذلك بعض من فقد الصاع من قوم يوسف، من غير أمره، ولم يعلم بما أمر به يوسف من جعل الصاع في رحالهم، عن الجبائي. وقيل: إن يوسف أمر المنادي بأن ينادي به، ولم يرد به سرقة الصاع، وإنما عنى به: إنكم سرقتم يوسف عن أبيه، وألقيتموه في الجب، عن أبي مسلم.
وقيل: إن الكلام يجوز أن يكون خارجا مخرج الاستفهام، كأنه قال: أئنكم لسارقون؟ فأسقط همزة الاستفهام، كما في قول الشاعر:
كذبتك عينك، أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا (1) ويؤيده ما روى هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما سرقوا، ولا كذب. ومتى قيل: كيف جاز ليوسف عليه السلام أن يحزن والده وإخوته بهذا الصنيع، ويجعلهم متهمين بالسرقة؟ فالجواب: إن الغرض فيه التسبب إلى احتباس أخيه عنده. ويجوز أن يكون ذلك بأمر الله تعالى. وروي أنه أعلم أخاه بذلك ليجعله طريقا إلى التمسك به. وإذا كان إدخال هذا الحزن سببا مؤديا إلى إزالة غموم كثيرة عن الجميع، ولا شك أنه يتعلق به المصلحة، فقد ثبت جوازه. فأما التعريض للتهمة بالسرقة، فغير صحيح، لأن وجود السقاية في رحله، يحتمل أمورا كثيرة غير السرقة. فعلى هذا من حمله على السرقة مع علمه بأنهم أولاد الأنبياء، توجهت اللائمة عليه (قالوا) أي: قال أصحاب العير (وأقبلوا عليهم) أي: على أصحاب يوسف (ماذا تفقدون) أي: ما الذي فقدتموه من متاعكم (قالوا نفقد صواع الملك) أي: صاعه وسقايته (ولمن جاء به حمل بعير) أي: وقال المنادي: من جاء بالصاع فله حمل بعير من الطعام (وأنا به زعيم) أي: كفيل ضامن (قالوا)