وروى أبو حمزة الثمالي، عن زين العابدين عليه السلام: إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق به، ويأكل هو وعياله منه، وإن سائلا مؤمنا صواما، اعتر ببابه عشية جمعة، عند أوان إفطاره، وكان مجتازا غريبا، فهتف على بابه واستطعمهم وهم يسمعون، فلم يصدقوا قوله. فلما يئس أن يطعموه، وغشيه الليل، استرجع، واستعبر، وشكا جوعه إلى الله تعالى، وبات طاويا، وأصبح صائما، صابرا، حامدا لله، وبات يعقوب، وآل يعقوب بطانا، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم، فابتلاه الله سبحانه بيوسف عليه السلام، وأوحى إليه: أن استعد لبلائي، وارض بقضائي، واصبر للمصائب!
فرأى يوسف الرؤيا في تلك الليلة. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وروي ذلك عن ابن عباس، أو قريب منه.
(ونحن عصبة) معناه: ونحن جماعة يتعصب بعضنا لبعض، ويعين بعضنا بعضا، أي: فنحن أنفع لأبينا. وقيل: يعني ونحن عصبة لا يعجزنا الاحتيال عليه (إن أبانا لفي ضلال مبين) أي: في ذهاب عن طريق الصواب الذي هو التعديل بيننا في المحبة. وقيل: معناه إنه في خطأ من الرأي في أمور الأولاد، والتدبير الدنيوي، ونحن أقوم بأمور مواشيه، وأمواله، وسائر أعماله. ولم يريدوا به الضلال عن الدين، لأنهم لو أرادوا ذلك لكانوا كفارا، وذلك خلاف الاجماع. ولأنهم بالاتفاق كانوا على دينه، وكانوا يعظمونه غاية التعظيم، ولذلك طلبوا محبته. وأصل الضلال:
العدول، وكل من ذهب عن شئ، وعدل عنه، فقد ضل. وأكثر المفسرين على أن إخوة يوسف كانوا أنبياء. وقال بعضهم: لم يكونوا أنبياء، لأن الأنبياء لا يقع منهم القبائح.
وقال المرتضى، قدس الله روحه: لم يقم لنا الحجة بأن إخوة يوسف الذين فعلوا ما فعلوه، كانوا أنبياء، ولا يمتنع أن يكون الأسباط الذين كانوا أنبياء غير هؤلاء الإخوة الذين فعلوا بيوسف ما قصه الله تعالى عنهم، وليس في ظاهر الكتاب أن جميع إخوة يوسف، وسائر الأسباط فعلوا بيوسف ما حكاه الله من الكيد. وقيل: يجوز أن يكون هؤلاء الإخوة في تلك الحال لم يكونوا بلغوا الحلم، ولا توجه إليهم التكليف، وقد يقع ممن قارب البلوغ من الغلمان مثل هذه الأفعال، ويعاتب على ذلك ويلام، ويضرب، وهذا الوجه قول البلخي، والجبائي، ويدل عليه قوله (نرتع ونلعب).
وروى أبو جعفر ابن بابويه رحمه الله في (كتاب النبوة) بإسناده عن محمد بن