إسماعيل بن بزيع عن حنان بن سدير، قال: قلت لأبي جعفر: أكان أولاد يعقوب أنبياء؟ فقال: لا، ولكنهم كانوا أسباطا، أولادا لأنبياء، ولم يفارقوا الدنيا إلا سعداء، تابوا وتذكروا ما صنعوا. وقال الحسن: كانوا رجالا بالغين، ووقعت ذلك منهم صغيرة. ثم أخبر سبحانه عنهم أنهم قال بعضهم لبعض: (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا) أي: اطرحوه في أرض بعيدة عن أبيه، فلا يهتدي إليه. وقيل:
معناه في أرض تأكله السباع، أو يهلك بغير ذلك. (يخل لكم وجه أبيكم) عن يوسف، وتخلص لكم محبته، والمعنى: إنكم متى قتلتموه، أو طرحتموه في أرض أخرى، خلا لكم أبوكم، وحن عليكم (وتكونوا من بعده قوما صالحين) أي:
وتكونوا من بعد قتل يوسف، أو غيبته، قوما تائبين، والمعنى: إنكم إذا فعلتم ذلك، وبلغتم أغراضكم، تبتم مما فعلتموه، وكنتم من جملة الصالحين الذين يعملون الصالحات. وهذا يدل على أنهم رأوا ذلك ذنبا يصح التوبة منه، عن جماعة من المفسرين. وقيل: معناه وتكونوا قوما صالحين في أمر دنياكم أي: يعود حالكم مع أبيكم إلى الصلاح، عن الحسن.
ومتى يسأل ههنا على قول من جعلهم غير بالغين فقال: أليس يدل هذا القول منهم على بلوغهم لعلمهم بالوعيد؟ فالجواب: إن المراهق قد يجوز أن يعلم ذلك خاصة إذا كان مربى في حجر الأنبياء ومن أولادهم. واختلف فيمن قال ذلك من إخوته، فقال وهب: قاله شمعون. وقال مقاتل: قاله روبين. ثم أخبر سبحانه عن واحد من جملة القوم بقوله (قال قائل منهم) أي: من إخوة يوسف (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة) أي: ألقوه في قعر البئر، يتناوله بعض مارة الطرق والمسافرين، فيذهب به إلى ناحية أخرى. والقائل لذلك: روبين، وهو ابن خالة يوسف، عن قتادة، وابن إسحاق. وكان أحسنهم رأيا فيه، فنهاهم عن قتله. وقيل: هو يهوذا، وكان أقدمهم في الرأي والفضل، وأسنهم، عن الأصم، والزجاج. وقيل: هو لاوي، رواه علي بن إبراهيم في تفسيره.
واختلفوا في ذلك الجب، فقيل: هو بئر بيت المقدس، عن قتادة. وقيل:
بأرض الأردن، عن وهب. وقيل: بين مدين ومصر، عن كعب. وقيل: على ثلاث فراسخ من منزل يعقوب، عن مقاتل. (إن كنتم فاعلين) معناه: إن كنتم فاعلين شيئا مما تقولون في يوسف، فليكن هذا فعلكم، فإنه دون القتل الصريح. وقال ابن