فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك! فهذا كأنه يتشاغل بمباح، وتنفس وجمام من الجد. وقد روي عن بعض السلف أنه كان إذا أكثر النظر في مسائل الفقه، قال: احمضوا، فليس هذا اللعب كاللعب في قوله (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب).
وأما من قرأ بالياء فيهما: فإن كان يرتع من اللهو، كما فسره أبو عبيدة، فلا يمتنع أن يخبر به عن يوسف لصغره، كما لا يمتنع أن ينسب إليه اللعب لذلك، وإن كان يرتع من النيل من الشئ، فذلك لا يمتنع عليه أيضا، فوجههما بين، وهذا أبين من قول من قال ونلعب بالنون، لأنهم سألوا إرساله ليتنفس بلعبه، كقولك: زرني أحسن إليك، أي: أنا ممن يحسن إليك. وأما من قرأ ويرتع فمعناه: يرتع إبله، فحذف المفعول كما قال الحطيئة:
منعمة تصون إليك منها * كصونك من رداء شرعبي أي: تصون الحديث، وقال الشنفري:
كأن لها في الأرض نسيا تقصه * على أمها، وإن تكلمك تبلت (1) أي: تقطع حديثها خفرا، وحياء:
المعنى: ثم بين سبحانه أنهم عند اتفاق آرائهم فيما تآمروا فيه من أمر يوسف، كيف سألوا أباهم ف (قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف) أي: ما لك لا تثق بنا، ولا تعتمدنا في أمر يوسف، (وإنا له لناصحون) أي: مخلصون في إرادة الخير به. وفي هذا دلالة على أنه عليه السلام، كان يأبى عليهم أي يرسله معهم (أرسله معنا غدا) أي: إلى الصحراء (يرتع ويلعب) الجزم على جواب الأمر. والمعنى:
ان ترسله معنا نرتع ونلعب أي: نذهب ونجئ، وننشط ونلهو، عن الكلبي، والضحاك. وقيل: نتحافظ فيحفظ بعضنا بعضنا، ونلهو، عن مجاهد. وقيل:
نرعى ونتصرف. والرتع: هو التردد يمينا وشمالا، عن ابن زيد. وأرادوا به اللعب المباح، مثل الرمي، والاستباق بالأقدام. وقد روي أن كل لعب حرام إلا ثلاثة:
لعب الرجل بقوسه، وفرسه، وأهله.
(وإنا له) أي: ليوسف (لحافظون) أي: نحفظه لنرده إليك. وقيل: