اخوته، حتى يسجد له أبواه. (قال) يعقوب: (يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك) أي: لا تخبرهم بذلك (فيكيدوا لك كيدا) أي: فيحسدوك أو يقابلوك بما فيه هلاكك، وذلك أن رؤيا الأنبياء وحي، وعلم يعقوب أن إخوة يوسف يعرفون تأويلها، ويخافون علو يوسف عليهم، فيحسدونه، ويبغونه الغوائل (إن الشيطان للإنسان عدو مبين) أي: ظاهر العداوة، فيلقي بينهم العداوة، ويحملهم على إنزال المكروه بك.
(وكذلك) أي: كما أريك هذه الرؤيا تكرمة لك، وبين أن إخوتك يخضعون لك، أو يسجدون لك (يجتبيك ربك) أي: يصطفيك ربك، ويختارك للنبوة، عن الحسن. وقيل: الحسن: الخلق والخلق. (ويعلمك من تأويل الأحاديث) قيل:
معناه ويعلمك من تعبير الرؤيا لأن فيه أحاديث الناس عن رؤياهم، وسماه تأويلا لأنه يؤول أمره إلى ما رأى في المنام، عن قتادة. وقال ابن زيد: كان أعبر الناس للرؤيا. وقيل: معناه ويعلمك عواقب الأمور بالنبوة والوحي إليك، فتعلم الأشياء قبل كونها، معجزة لك، لأنه أضاف التعليم إلى الله، وذلك لا يكون إلا بالوحي، عن أبي مسلم. وقيل: تأويل أحاديث الأنبياء والأمم، يعني كتب الله ودلائله على توحيده، والمشروع من شرائعه، وأمور دينه، عن الحسن، والجبائي. والتأويل في الأصل هو المنتهى الذي يؤول إليه المعنى. وتأويل الحديث فقهه الذي هو حكمه، لأنه إظهار ما يؤول إليه أمره مما يعتمد عليه، وفائدته. (ويتم نعمته عليك) بالنبوة، لأنها منتهى نعيم الدنيا. وقيل: اتمام النعمة هو أن يحكم بدوامها على تخليصها من شائب بها، فهذه النعمة التامة وخلوصها مما ينقصها، ولا يطلب ذلك إلا من الله تعالى، لأنه لا يقدر عليها سواه. وقيل: معناه ويتم نعمته عليك بأن يحوج اخوتك إليك حتى تنعم عليهم بعد إساءتهم إليك.
(وعلى آل يعقوب) أي: وعلى اخوتك بأن يثبتهم على الاسلام، ويشرفهم بمكانك، ويجعل فيهم النبوة. وقيل: يتم نعمته عليهم بانقاذهم من المحن على يديك. (كما أتمها على أبويك هن قبل إبراهيم وإسحاق) أي: كما أتم النعمة على إبراهيم بالخلة، والنبوة، والنجاة من النار. وعلى إسحاق بأن فداه عن الذبح بذبح عظيم، عن عكرمة. وقال إنه الذبيح. وقيل باخراج يعقوب وأولاده من صلبه، عن أكثر المفسرين، قالوا: وليس هو الذبيح، وإنما الذبيح إسماعيل. (إن ربك