قامت تبكيه على قبره: من لي من بعدك يا عامر تركتني في الدار في غربة قد ذل من ليس له ناصر ولم يقل ذات غربة، لأنه أراد شخصا ذا غربة، وقالت الخنساء:
فذلك يا هند الرزية فاعلمي، ونيران حرب حين شب وقودها (1) أراد الرزء. وفي أمثال ذلك كثرة على أن قوله (إلا من رحم ربك) كما يدل على الرحمة، يدل أيضا على أن يرحم، فلا يمتنع أن يكون المراد: لأن يرحموا خلقهم. وقيل: إن المعنى: ولاختلاف خلقهم. واللام: للعاقبة، يريد: إن الله خلقهم، وعلم أن عاقبتهم تؤول إلى الاختلاف المذموم، كما قال. (ولقد ذرأنا لجهنم) عن الحسن، وعطا، ومالك. ولا يجوز على هذا أن يكون اللام للغرض، لأنه تعالى لا يجوز أن يريد منهم الاختلاف المذموم، إذ لو أراد ذلك منهم، لكانوا مطيعين له في ذلك الاختلاف، لأن الطاعة حقيقتها موافقة الإرادة والأمر، ولو كانوا كذلك لما استحقوا عقابا. وأما إذا حمل معنى الاختلاف على ما قاله أبو مسلم:
فيجوز أن تكون اللام للغرض. وقيل: إن ذلك إشارة إلى اجتماعهم على الإيمان، وكونهم فيه أمة واحدة، ولا محالة أن الله سبحانه لهذا خلقهم، ويؤيد هذا قوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
وقال المرتضى، قدس الله روحه: قد قال قوم إن معنى الآية: ولو شاء ربك أن يدخل الناس بأجمعهم الجنة، فيكونوا في وصول جميعهم إلى النعيم، أمة واحدة، لفعل، وأجروا هذه الآية مجرى قوله (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) في أنه أراد هديها إلى طريق الجنة. فعلى هذا التأويل يمكن أن يكون لفظة ذلك إشارة إلى إدخالهم أجمعين الجنة، لأنه تعالى إنما خلقهم للمصير إليها، والوصول إلى نعيمها. (وتمت كلمة ربك) أي: وصل وحيه ووعيده الذي لا خلف فيه بتمامه إلى عباده. وقيل: تمت كلمة ربك صدقا، بأن وقع مخبرها على ما أخبر به، عن الجبائي. وقيل: معناه وجب قول ربك، عن ابن عباس. وقيل: مضى حكم ربك، عن الحسن.
(لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) بكفرهم (وكلا) أي: وكل القصص (نقص عليك من أنباء الرسل) أي: من أخبارهم (ما نثبت به فؤادك)