اسمها لام، فدخلت هذه اللام، وهي لام الابتداء على الخبر في قوله (لما) وقد دخلت في الخبر لام الأخرى، وهي التي تلقي بها القسم، ويختص بالدخول على الفعل، ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين. فلما اجتمعت اللامان، واتفقتا في تلقي القسم، وافقتا في اللفظ، فصل بينهما بما، كما فصلوا بين إن واللام، فدخلت (ما) لهذا المعنى، وإن كانت زائدة لتفصل كما جلبت النون. وإن كانت زائدة في نحو: (وأما ترين من البشر أحدا) وكما صارت عوضا من الفعل في قولهم أما لا بالإمالة، وفي قوله:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر * فإن قومي لم يأكلهم الضبع (1) ويلي هذا الوجه في البيان قول من خفف: (إن)، ونصب (كلا) وخفف (لما). قال سيبويه: حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: إن عمرا لمنطلق. قال: وأهل المدينة يقرأون: (وإن كلا لما جميع لدينا محضرون) يخففون وينصبون، كما قالوا: (كأن ثدييه حقان) (2). ووجه النصب بها مع التخفيف من القياس أن إن مشبهة في نصبها بالفعل. والفعل يعمل محذوفا كما يعمل غير محذوف، وذلك في نحو لم يك زيد منطلقا (فلا تك في مرية) وكذلك لا أدر. فأما من خفف (أن) ونصب (كلا) وثقل (لما): فقراءته مشكلة، وذلك أن إن إذا نصب بها، وإن كانت مخففة كانت بمنزلتها مثقلة. ولما: إذا شددت كانت بمنزلة إلا، وكذلك قراءة من شدد (لما) وثقل (أن) مشكلة، وذلك أن إن إذا ثقلت، وإذا خففت، ونصب بها: فهي في معنى الثقيلة، فكما لا يحسن تثقيل ان زيدا إلا منطلق، كذلك لا يحسن تثقيل إن، وتثقيل لما.
فأما مجئ (لما) في قولهم نشدتك الله لما فعلت، وإلا فعلت، فقال الخليل: الوجه لتفعلن كما تقول أقسمت عليك لتفعلن. وأما دخول إلا ولما: فلأن المعنى الطلب، فكأنه أراد: ما أسألك إلا فعل كذا. ولم يذكر حرف النفي في اللفظ، وإن كان مرادا كما جاء في قولهم: شر أهر ذا ناب أي: ما أهره إلا شر.