أترفوا فيه وكانوا مجرمين (116) وما كان ربك ليهلك القرا بظلم وأهلها مصلحون (117).
القراءة: قرأ أبو جعفر: (وزلفا) بضم اللام. والباقون: بفتح اللام.
الحجة: من قرأ (زلفا) بفتح اللام: فإنه جمع زلفة: وهي المنزلة. قال العجاج:
ناج، طواه الأين مما وجفا * طي الليالي زلفا فزلفا (1) ومن قرأ بضم اللام: فإنه واحد مثل الحلم، وجائز أن يكون جمعا على زليف من الليل، فيكون مثل قريب وقرب. قال الزجاج: والزلف بالفتح أجود في الجمع، وما علمت أن زليفا يستعمل في الليل، وهو منصوب على الظرف.
اللغة: الركون إلى الشئ: هو السكون إليه بالمحبة له، والإنصات إليه.
ونقيضه النفور عنه. والصبر: حبس النفس عن الخروج إلى ما لا يجوز من ترك الحق، وضده الجزع. قال:
فإن تصبرا فالصبر خير مغبة، * وإن تجزعا فالأمر ما تريان (2) وهو مأخوذ من الصبر المر لأنه يجرع مرارة الحق بحبس النفس عن الخروج إلى المشتهى. ومما يعين على الصبر شيئان أحدهما: العلم بما يعقب من الخير في كل وجه، وعادة النفس له والثاني: استشعار ما في لزوم الحق من العز والأجر بطاعة الله. والبقية: ما بقي من الشئ بعد ذهابه، وهو الاسم من الإبقاء، ويقال في فلان بقية أي: فضل مما يمدح به وخير، كأنه قيل بقية خير من الخير الماضي.
و (أترفوا) أي: عودوا الترفه بالنعيم، واللذة، وذلك إن الترفه عادة النعمة، قال:
تهدى رؤوس المترفين الضداد * إلى أمير المؤمنين الممتاد (3)