فيه، والسلطان وإن كان في معنى الآيات، فإنما عطفه عليها لأن الآيات حجج من وجه الاعتبار العظيم بها. والسلطان حجة من جهة القوة العظيمة على المبطل، وكل عالم له حجة يقهر بها شبهة من نازعه من أهل الباطل، فله سلطان. وقد قيل: إن سلطان الحجة أنفذ من سلطان المملكة. والسلطان متى كان محقا حجة، وجب اتباعه، وإذا كان بخلافه لا يجب اتباعه. قال الزجاج: السلطان إنما سمي سلطانا لأنه حجة الله في أرضه، واشتقاقه من السليط الذي يستضاء به (إلى فرعون وملئه) أي: قومه. وقيل: أشراف قومه الذين تملأ الصدور هيبتهم (فاتبعوا أمر فرعون) وتركوا أمر الله تعالى (وما أمر فرعون برشيد) أي: مرشد. ومعناه: ما هو بهاد لهم إلى رشد، ولا قائد إلى خير. فأمر فرعون كان على ضد هذه الحال، لأنه داع إلى الشر، وصاد عن الخير. وفي هذا دلالة على أن لفظة الأمر مشتركة بين القول والفعل. والمراد هاهنا: وما فعل فرعون برشيد (يقدم قومه يوم القيامة) يعني أن فرعون يمشي بين يدي قومه يوم القيامة على قدميه، حتى يهجم بهم على النار، كما كان يقدمهم في الدنيا، يدعوهم إلى طريق النار. وإنما قال (فأوردهم) على لفظ الماضي، والمراد به المستقبل، لأن ما عطفه عليه من قوله (يقدم قومه يوم القيامة) يدل عليه، عن الجبائي. وقيل: إنه معطوف على قوله (فاتبعوا أمر فرعون).
(وبئس الورد المورود) أي: بئس الماء الذي يردونه عطاشا لإحياء نفوسهم (النار) إنما أطلق سبحانه على النار اسم (الورد المورود) ليطابق ما يرد عليه أهل الجنة من الأنهار والعيون. وقيل: معناه بئس المدخل المدخول فيه النار. وقيل:
بئس الشئ الذي يرده النار وقيل: بئس النصيب المقسوم لهم لنار. وإنما أطلق بلفظ بئس، وإن كان عدلا حسنا لما فيه من البؤس والشدة (واتبعوا في هذه) يعني ألحقوا في الدنيا (لعنة) وهي الغرق (ويوم القيامة) يعني: ولعنة يوم القيامة، وهي عذاب الآخرة. وقيل: معناه أتبعهم الله في الدنيا لعنة بإبعادهم من الرحمة، وأتبعهم الأنبياء والمؤمنون بالدعاء عليهم باللعنة، ويتبعهم الله اللعنة في القيامة حتى لا تفارقهم اللعنة حيث كانوا. قال ابن عباس: من ذكرهم لعنهم.
(بئس الرفد المرفود) أي: بئس العطاء المعطى النار واللعنة، وإنما سماه رفدا، لأنه في مقابلة ما يعطى أهل الجنة من أنواع النعيم. وقال قتادة: ترافدت عليهم لعنتان من الله: لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة. وسأل نافع بن الأزرق ابن