عليهم من الإيفاء في الكيل والميزان (مثل ما أصاب قوم نوح) من الهلاك بالغرق، (أو قوم هود) بالريح العقيم (أو قوم صالح) بالرجفة (وما قوم لوط منكم ببعيد) أي: هم قريب منكم في الزمان الذي بينه وبينكم، عن قتادة. وقيل: معنا إن دارهم قريبة من داركم، فيجب أن تتعظوا بهم (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه) أي: اطلبوا المغفرة من الله، ثم توصلوا إليها بالتوبة. وقيل: معناه استغفروا للماضي، واعزموا في المستقبل. وقيل: استنفروا ثم دوموا على التوبة. قيل:
استغفروا في العلانية، ثم أضمروا الندامة في القلب عن الماضي.
(إن ربي رحيم) بعباده فيقبل توبتهم، ويعفو عن معاصيهم (ودود) أي:
محب لهم، ومعناه مريد لمنافعهم، وقيل: معناه متودد إلى عباده بكثرة إنعامه عليهم. وقيل: ودود بمعنى الواد أي: يودهم إذا أطاعوه. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: كان شعيب خطيب الأنبياء (قالوا) أي: قال قوم شعيب له حين سمعوا منه الوعظ والتخويف: (يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول) أي: ما نفهم عنك معنى كثير من كلامك. وقيل: معناه لا نقبل كثيرا منه، ولا نعمل به وهذا كقولك إذا أمرك انسان بشئ لا تريد أن تفعله: لا أعلم ما تقول، وأنت تعلم ذلك أي: لا أفعله.
وإنما قالوا ذلك بعدما ألزمهم الحجة.
(وإنا لنراك فينا ضعيفا) أي: ضعيف البدن، عن الجبائي. وقيل: ضعيف البصر، عن سفيان. وقيل: أعمى. وكان شعيب أعمى، عن قتادة، وسعيد بن جبير. قال الزجاج: وحمير تسمي المكفوف ضعيفا. وهذا كما قيل ضرير أي: قد ضر بذهاب بصره، وكذلك قد ضعف بذهاب بصره، وكف عن التصرف، وهذا القول ليس بسديد، لأن قوله (فينا) يرده، ألا ترى أنه لو قيل إنا لنراك فينا أعمى، لم يكن كلاما، لأن الأعمى قد يكون أعمى فيهم، وفي غيرهم. وقيل: ضعيفا أي: مهينا، عن الحسن.
واختلف في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل يجوز أن يكون أعمى، فقيل: لا يجوز لأن ذلك ينفر. وقيل: يجوز أن لا يكون فيه تنفير، ويكون بمنزلة سائر العلل والأمراض.
(ولولا رهطك لرجمناك) أي: لولا رحمة عشيرتك وقومك، لقتلناك بالحجارة.
وقيل: معناه لشتمناك وسببناك (وما أنت علينا بعزيز) أي: لم ندع قتلك لعزتك علينا، ولكن لأجل قومك. قال الحسن: وكان شعيب في عز من قومه، وكان من