أشرافهم، وما بعث نبي بعد لوط إلا في عز من قومه. (قال) شعيب (يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله) أي: أعشيرتي وقومي أعظم حرمة عندكم من الله، فتتركون أذاي لأجل عشيرتي، ولا تتركونه لله الذي بعثني إليكم (واتخذتموه وراءكم ظهريا) أي:
اتخذتم الله وراء ظهوركم، يعني: نسيتموه. فالهاء عائدة إلى الله، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: الهاء عائدة إلى ما جاء به شعيب، عن مجاهد. والمعنى: ونبذتم ما أرسلت به إليكم وراء ظهوركم. وقيل: الهاء عائدة إلى أمر الله، عن الزجاج أي: نبذتم أمر الله وراء ظهوركم، وتركتموه.
(إن ربي بما تعملون محيط) أي: محص لأعمالكم، لا يفوته شئ منها.
وقيل: معناه خبير بأعمالكم فيجازيكم بها، عن الحسن.
(ويا قوم اعملوا على مكانتكم) أي: اعملوا على حالتكم هذه والمكانة:
الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمل. وهذا تهديد في صورة الأمر، وتقديره.
كأنكم إنما أمرتم بأن تكونوا على هذه الحال من الكفر والطغيان. وفي هذا نهاية الخزي والهوان. وقيل: معناه اعملوا على ما يمكنكم أي: اعملوا أنتم على ما تقولون، وأعمل أنا على ما أقول. وقيل: معناه اعملوا على ما أنتم عليه من دينكم ونحوه قوله (لكم دينكم ولي دين) وفي هذا دلالة على أنه آيس من قومه (إني عامل) على ما أمرني ربي. وقيل: إني عامل على ما أنا عليه من الإنذار (سوف تعلمون) أينا المخطئ الجاني على نفسه وقيل: معناه سوف يتبين لكم، وتعلمون في عاقبة الأمر (من يأتيه عذاب يخزيه) أي: يهينه ويفضحه، (ومن هو كاذب) ويظهر الكاذب من الصادق، وتقديره: ومن هو كاذب يخزى بعذاب الله فحذف.
(وارتقبوا إني معكم رقيب) أي: انتظروا ما وعدكم ربكم من العذاب، إني معكم منتظر حلول العذاب بكم. وقيل: معناه انتظروا العذاب واللعنة، وأنا أنتظر الرحمة والثواب والنصرة، عن ابن عباس. وقيل: معناه انتظروا مواعيد الشيطان، وأنا أنتظر مواعيد الرحمن.
وروي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، أنه قال: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول العبد الصالح: (وارتقبوا إني معكم رقيب). (ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا) مضى تفسيره (وأخذت الذين ظلموا الصيحة) صاح بهم جبرئيل صيحة فماتوا (فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا