موضع نصب بوقوع (لبث) عليه، كأنه قال: فما أبطأ عن مجيئه بعجل. فلما حذف حرف الجر، وصل الفعل. وقال الفراء: ويحتمل أن يكون موضعه رفعا بأن نجعل (أن جاء) فاعل (لبث) فكأنك قلت: فما لبث مجيئه بعجل وألف (يا ويلتا) يحتمل أن يكون ألف ندبة، ويحتمل أن يكون ياء الإضافة، فانقلبت ألفا، ومعناه:
الإيذان بورود الأمر العظيم، كما تقول العرب يا للدواهي أي: تعالى فإنه من أحيانك لحضور ما حضر من أشكالك. ويجوز الوقف عليه بغير هاء. والاختيار في الكلام أن يوقف عليه بالهاء: يا ويلتاه. قال الزجاج: أما المصحف فلا يخالف، ولا يوقف عليه. فإن اضطر واقف إلى أن يقف، وقف عليه بغير هاء بالاختيار.
أما الهمزتان في قوله (أألد): ففيه ثلاثة أوجه إن شئت خففت الأولى، وحققت الثانية، فقلت يا ويلتي ألد. وإن شئت حققت الأولى، وخففت الثانية وهو الاختيار، فقلت: يا ويلتي أألد. وإن شئت حققتهما جميعا فقلت: (أألد).
و (شيخا): منصوب على الحال. قال الزجاج: الحال هاهنا نصبها من لطيف النحو، وذلك انك إذا قلت: هذا زيد قائما، فإن كنت تقصد أن تخبر من لا يعرف زيدا أنه زيد، لم يجز أن تقول هذا زيد قائما، لأنه يكون زيدا ما دام قائما، فإذا زال عن القيام، فليس بزيد. وإنما تقول للذي يعرف زيدا: هذا زيد قائما، فيعمل في الحال التنبيه، والمعنى: انتبه لزيد في حال قيامه، أو أشير لك إلى زيد في حال قيامه، لأن هذا إشارة إلى ما حضر. وقال غيره: إن شئت جعلت العامل في معنى التنبيه، وإن شئت جعلت العامل فيه معنى الإشارة، وإن شئت أعملت فيه مجموعهما. وكذا ما جرى مجراه تقول: هذا زيد مقبلا، ولا يجوز مقبلا هذا زيد، لأن العامل ليس بفعل محض. فإن قلت ها مقبلا ذا زيد، وجعلت العامل معنى الإشارة، لم يجز، وإن جعلت العامل معنى التنبيه جاز. (يجادلنا) في موضع نصب، لأنه حكاية حال قد مضت، وإلا فالجيد أن تقول: لما قام قمت، ويضعف أن تقول: لما قام أقوم. وعلى هذا فيكون جواب (لما) محذوفا، لدلالة الكلام عليه، ويكون تقديره قلنا إن إبراهيم لحليم، أو ناديناه يا إبراهيم أعرض عن هذا.
ويجوز أن يكون تقديره: أخذ يجادلنا، وأقبل يجادلنا. ويجوز أن يكون لما كان شرطا للماضي، وقع المستقبل فيه في معنى الماضي، كما إن أن لما كان شرطا للمستقبل، وقع الماضي فيه في معنى المستقبل.