نصب سلاما في قوله: (قالوا سلاما) لما كان معنى ما قيل، ولم يكن نفس المقول بعينه. فأما قوله: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) قال سيبويه: زعم أبو الخطاب أن مثله يريد قولك سبحان الله الذي تفسيره براءة الله من السوء، وقولك للرجل سلاما تريد مسلما منك لا ابتلي بشئ من أمرك. فعلى هذا المعنى وجه ما في الآية، قال: وزعم أن قول أمية:
سلامك ربنا في كل فجر بريئا ما يعيبك الذموم (1) على قوله براءتك ربنا من كل سوء. وأما قوله (قال سلام) فسلام: مرفوع لأنه من جملة الجملة المحكية، والتقدير فيه: سلام عليكم، فحذف الخبر كما حذف من قوله (فصبر جميل) أي: صبر جميل أمثل. أو يكون المعنى أمري سلام، وشأني سلام. كما أن قوله فصبر جميل يصلح أن يكون المحذوف منه المبتدأ، أو مثل ذلك قوله (فاصفح عنهم وقل سلام) على حذف المبتدأ الذي (سلام) خبره.
وأكثر ما يستعمل (سلام) بغير ألف ولام، وذلك لأنه في معنى الدعاء، فهو مثل قولهم خير بين يديك. ولما كان في معنى المنصوب، استجيز فيه الابتداء بالنكرة، فمن ذلك قوله:
(قال سلام عليك سأستغفر لك ربي) وقال (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) وقال (سلام على نوح في العالمين) (سلام على إبراهيم) (وسلام على عباده الذين اصطفى). وقد جاء بالألف واللام. قال سبحانه:
(والسلام على من اتبع الهدى) (والسلام علي يوم ولدت) وزعم أبو الحسن ان في العرب من يقول سلام عليكم، ومنهم من يقول السلام عليكم، فالذين ألحقوا الألف واللام حملوه على المعهود. والذين لم يلحقوه حملوه على غير المعهود. وزعم أن منهم من يقول سلام عليكم، فلا ينون، وحمل ذلك على وجهين أحدهما: أنه حذف الزيادة من الكلمة كما يحذف الأصل من نحو قولك: لم يك، ولا أدر، ويوم يأت. والآخر: أنه لما كثر استعمال هذه الكلمة، وفيه الألف واللام، حذفا منه، لكثرة الاستعمال، كما حذفا من اللهم فقالوا:
(لا هم إن عامر الفجور قد حبس الخيل على يعمور) (2)