أهل بيته على ما قاله الجبائي.
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام مر بقوم، فسلم عليهم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، ومغفرته ورضوانه. فقال عليه السلام لهم: لا تجاوزوا بنا ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم عليه السلام: رحمة الله وبركاته عليك أهل البيت (إنه حميد) أي: محمود على أفعاله. وقيل: الحميد الذي يحمد عباده على الطاعات (مجيد) أي: كريم، وهو المبتدئ بالعطية قبل الاستحقاق. وقيل: معناه واسع القدرة والنعمة، عن أبي مسلم. وروي أن سارة قالت لجبرائيل عليه السلام: ما آية ذلك؟ فأخذ بيده عودا يابسا، فلواه بين أصابعه، فاهتز أخضر، عن السدي. (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) أي: الخوف والفزع الذي دخله من الرسل (وجاءته البشرى) بالولد (يجادلنا في قوم لوط) أي يجادل رسلنا، ويسائلهم في قوم لوط.
وتلك المجادلة أنه قال لهم: إن كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونهم؟ قالوا:
لا. قال: فأربعون؟ قالوا: لا. فما زال ينقص ويقولون لا، حتى قال: فواحد؟
قالوا: لا. فاحتج عليهم بلوط، وقال: ان فيها لوطا؟! قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله، عن قتادة. وقيل: إنه جادلهم، وقال: بأي شئ استحقوا عذاب الاستئصال؟ وهل ذلك واقع لا محالة، أم هو تخويف ليرجعوا إلى الطاعة؟ بأي شئ يهلكون؟ وكيف يجئ الله المؤمنين؟ عن الجبائي. ولما سألهم مستقص، سمي ذلك السؤال جدالا، لأنه خرج الكشف عن شئ غامض (إن إبراهيم لحليم أواه) مر معناه في سورة براءة.
(منيب) راجع إلى الله تعالى في جميع أموره، متوكل عليه. وفي هذا إشارة إلى أن تلك المجادلة من إبراهيم عليه السلام لم تكن من باب ما يكره، لأنه مدحه بالحلم، وبأن ذلك كان في أمر يتعلق بالرحمة، ورقة القلب والرأفة، وذلك لأنه رأى الخلق الكثير في النار، فتأوه لهم (يا إبراهيم أعرض عن هذا) هو حكاية ما قالت الملائكة لإبراهيم عليه السلام فإنها نادته بأن قالت: يا إبراهيم أعرض عن هذا القول، وهذا الجدال في قوم لوط، وانصرف عنه بالذكر، والفكر (إنه قد جاء امر ربك) بالعذاب، فهو نازل لا محالة (وإنهم آتيهم عذاب غير مردود) يعني غير مدفوع عنهم أي: لا يقدر أحد على رده عنهم.