مكر الليل والنهار) فأضيف المكر إليهما، وإنما هو فيهما، فكذلك العذاب، والخزي، والفزع، في قوله (من فزع يومئذ) أضفن إلى اليوم. والمعنى على أن ذلك كله في اليوم، كما أن المكر في الليل والنهار. يدلك على ذلك قوله:
(ولعذاب الآخرة أخزى)، وقوله: لا يحزنهم الفزع الأكبر)، وقوله: (فزع من في السماوات ومن في الأرض)، وقوله: (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) وأما من كسر الميم من (يومئذ) فلأن يوما اسم معرب، فأضيف إليه ما أضيف من العذاب، والخزي، والفزع، فانجر بالإضافة، ولم يفتح اليوم، فتبنيه لإضافته إلى المبني، لأن المضاف منفصل من المضاف إليه، ولا يلزمه الإضافة. فلما لم يلزم الإضافة المضاف، لم يلزم فيه البناء، يدلك على ذلك أنك تقول: ثوب خز، ودار زيد، فلا يجوز فيه إلا الإعراب، وإن كان الإسمان جعلا بمعنى الحرف، فلم يلزمها البناء كما يلزم ما لا ينفك منه معنى الحرف، نحو أين وكيف ومتى. فلما لم يبن المضاف للإضافة، وإن كان قد عمل عمل الحرف، من حيث كان غير لازم، كذلك لم يبن يوم للإضافة إلى إذ، لأن إضافته لم تلزم، كما لم يبن المضاف. وإن كان قد عمل في المضاف إليه بمعنى اللام، أو بمعنى من، لما لم تلزم الإضافة.
وأما من فتح فقال (من عذاب يومئذ) و (من خزي يومئذ) ففتح مع أنه في موضع جر، فلأن المضاف يكتسي من المضاف إليه التعريف والتنكير. ومعنى الاستفهام والجزاء في نحو غلام من تضرب، وغلام من تضرب أضربه. والنفي في نحو قولهم ما أخذت باب دار أحد. فلما كان يكتسي من المضاف إليه هذه الأشياء، إكتسى منه الإعراب والبناء أيضا، إذا كان المضاف من الأسماء الشائعة نحو يوم وحين ومثل. ويشبه بهذا الشياع الأسماء الشائعة المبنية نحو: أين وكيف، ولو كان المضاف مخصوصا نحو رجل وغلام، لم يكتس منه البناء، كما اكتسى منه الأسماء الشائعة، فمما جاء من ذلك قوله:
على حين عاتبت المشيب على الصبا، وقلت: ألما أصح، والشيب وازع (1) ومن ذلك قوله (أنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) فمثل في موضع رفع في قول سيبويه، وقد جرى وصفا على النكرة، إلا أنه فتح للإضافة إلى (ما). ومن ذلك