لصوصا يريدون به سوءا، أو قيل: إنه ظن أنهم ليسوا من البشر، وأنهم جاؤوا لأمر عظيم. وقيل: علم أنهم ملائكة، فخاف أن يكون قومه المقصودين بالعذاب، حتى (قالوا) له (لا تخف) يا إبراهيم (إنا أرسلنا إلى قوم لوط) بالعذاب والإهلاك، لا إلى قومك. وقيل: إنهم دعوا الله فأحيا العجل الذي كان ذبحه إبراهيم وشواه، فطفر ورعى، فعلم حينئذ انهم رسل الله (وامرأته) سارة بنت هاران بن يا حور بن ساروع بن ارعوى بن فالغ، وهي ابنة عم إبراهيم (قائمة) من وراء الستر تسمع كلام الرسل، وكلام إبراهيم، عن وهب. وقيل: إنها كانت بنت خالته. وقيل: كانت قائمة تخدم الرسل، وإبراهيم جالس معهم، عن مجاهد. وقيل: كانت قائمة تصلي، وكان إبراهيم جالسا. وفي قراءة ابن مسعود: (وامرأته قائمة وهو جالس).
(فضحكت) قيل: هو الضحك المعروف الذي يعتري الانسان للفرح، وقد يكون للتعجب. فضحكت تعجبا من غفلة قوم لوط، مع قرب نزول العذاب بهم، عن قتادة. وقيل: تعجبا من امتناعهم عن الأكل، وخدمتها إياهم بنفسها. ولهذا يقال: (وشر الشدائد ما يضحك) وقالت: عجبا لأضيافنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم، وهم لا يتناولون من طعامنا. وقيل: ضحكت لأنها قالت لإبراهيم: اضمم لوطا ابن أختك إليك، فإني أعلم أنه سينزل بهؤلاء القوم عذاب. فضحكت سرورا لما أتى الأمر على ما توهمت، عن الزجاج. وقيل: تعجبا وسرورا من البشارة بإسحاق، لأنها كانت قد هرمت، وهي ابنة ثمان وتسعين سنة، أو تسع وتسعين سنة، وكان قد شاخ زوجها، وكان ابن تسع وتسعين أو مائة سنة. وقيل: مائة وعشرين سنة، ولم يرزق لهما ولد في حال شبابهما. وعلى هذا فيكون في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره فبشرناها بإسحاق ويعقوب، فضحكت بعد البشارة وروي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام.
(فبشرناها بإسحاق) أي: بابن يسمى إسحاق نبيا (ومن وراء إسحاق يعقوب) يعني ومن بعد إسحاق يعقوب. وقيل: الوراء ولد الولد، عن ابن عباس أي: فبشرناها بنبي بين نبيين، وهو إسحاق: أبوه نبي، وابنه نبي. وقيل: إن ضحكت بمعنى حاضت، عن مجاهد. وروي عن الصادق عليه السلام أيضا. يقال:
ضحكت الأرنب أي: حاضت. والضحك بفتح الضاد: الحيض، وفي لغة أبي الحرث بن كعب: ضحكت النخلة: إذا أخرجت الطلع أو البسر. والضحك: