الاعراب: (أرأيتم) لا مفعول له ههنا، لأنه معلق كما يعلق إذا دخل الجملة لام الابتداء في مثل قوله: قد رأيت لزيد خير منك، فكذلك الجزاء. وجواب أن الأولى الفاء، وجواب أن الثانية محذوف، وتقديره إن عصيته فمن ينصرني، إلا أنه استغنى بالأول، فلم يظهر (ومن ينصرني) صورته صورة الاستفهام، ومعناه النفي، فكأنه قال: فلا ناصر لي من الله إن عصيته. وإنما جاز إلغاء رأيت هنا لأنها دخلت على جملة قائمة بنفسها من جهة أنها تفيد لو انفردت عن غيرها، وهو يتعلق بمعناها دون تفصيل لفظها، وقوله: (فيأخذكم) جواب النهي بالفاء، ولذلك نصبه وتقديره: لا يقع منكم مسها بسوء فإن يأخذكم عذاب قريب أي: فأخذ عذاب عاجل إياكم. و (أيام): أصله ايوام، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء الأولى فيها.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ذلك قصة صالح، فقال. (وإلى ثمود أخاهم صالحا) وكان ثمود بوادي القرى، بين المدينة والشام، وكان عاد باليمن، عن الجبائي ف (قال) لهم صالح: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) مضى تفسيره (هو أنشأكم من الأرض) أي ابتدأ خلقكم من الأرض. لأنه خلق آدم من الأرض، ومرجع نسبكم إليه. (واستعمركم فيها) أي جعلكم عمار الأرض، بأن مكنكم من عمارتها، وأحوجكم إلى السكنى فيها. وقيل: معناه وأعمرها لكم مدة اعماركم من العمرى، عن مجاهد. وقيل: معناه وأطال فيها أعماركم، عن الضحاك قال:
وكانت أعمارهم من ألف سنة إلى ثلاثمائة سنة. وقيل: معناه أمركم من عمارتها بما تحتاجون إليه من المساكن، والزراعات، وغرس الأشجار. وفي هذا دلالة على فساد قول من حرم المكاسب، لأنه سبحانه امتن على عباده بأن مكنهم من عمارة الأرض، ولو كان ذلك محرما لم يكن لذلك وجه (فاستغفروه ثم توبوا إليه) أي: فاستغفروه من الشرك والذنوب، ثم دوموا على التوبة (إن ربي قريب) برحمته لمن وحده (مجيب) لمن دعاه (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا) أي: كنا نرجو منك الخير لما كنت عليه من الأحوال الجميلة قبل هذا القول، فالآن يئسنا منك، ومن خيرك، بابداعك ما أبدعت. وقيل: معناه كنا نرجوك ونظنك عونا لنا على ديننا (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) استفهام معناه الانكار، كأنهم أنكروا أن ينهى الانسان عن عبادة ما عبده آباؤه (وإننا لفي شك مما تدعونا إليه) من الدين (مريب) موجب للريبة والتهمة، إذ لم يكن آباؤنا في جهالة، وضلالة. (قال) صالح لهم (يا قوم