لقوم يتقون (6).
القراءة: قرأ أهل البصرة، وابن كثير، وحفص، والعجلي: (يفصل) بالياء. والباقون: (نفصل) بالنون.
الحجة: من قرأ بالياء: فلأنه تقدم ذكر الله سبحانه، فأضمره في الفعل. ومن قرأ بالنون فمثل قوله (تلك آيات الله نتلوها).
اللغة: الجعل: إيجاد ما به يكون الشئ على صفة لم يكن عليها. والضياء:
يجوز أن يكون جمع ضوء، كسوط وسياط، وحوض وحياض، ويجوز أن يكون مصدر ضاء يضوء ضياء وضوءا، مثل عاذ يعوذ عياذا وعوذا، وقام يقوم قياما، وعلى أي الوجهين كان، فالمضاف محذوف، وتقديره: جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور. ويكون جعل النور والضياء لكثرة ذلك فيهما. والاختلاف: ذهاب كل واحد من الشيئين في غير جهة الآخر، فاختلاف الليل والنهار: ذهاب أحدهما في جهة الضياء، والآخر في جهة الظلام. والليل: عبارة عن وقت غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني. وليل ليلة، مثل تمر وتمرة. والنهار: عبارة عن اتساع الضياء من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. والنهار واليوم بمعنى واحد، إلا أن في النهار فائدة اتساع الضياء المعنى: ثم زاد سبحانه في الإحتجاج للتوحيد، فقال: (هو الذي جعل الشمس ضياء) بالنهار (والقمر نورا) بالليل، والضياء أبلغ في كشف الظلمات من النور، وفيه صفة زائدة على النور (وقدره منازل) أي: وقدر القمر منازل معلومة (لتعلموا) به وبمنازله (عدد السنين والحساب) وأول الشهر وآخره، وانقضاء كل سنة وكميتها، وجعل الشمس والقمر آيتين من آيات الله تعالى، وفيهما أعظم الدلالات على وحدانيته تعالى من وجوه كثيرة: منها خلقهما وخلق الضياء والنور فيهما، ودورانهما، وقربهما وبعدهما، ومشارقهما ومغاربهما، وكسوفهما، وفي بث الشمس الشعاع في العالم، وتأثيرها في الحر والبرد، وإخراج النبات، وطبخ الثمار، وفي تمام القمر وسط الشهر، ونقصانه في الطرفين، ليتميز أول الشهر وآخره من الوسط، كل واحد من ذلك نعمة عظيمة من الله سبحانه على خلقه، ولذلك قال: (ما خلق الله ذلك إلا بالحق) لأن في ذلك منافع للخلق في دينهم ودنياهم