بنيانه غير متق أو معاقبا على بنائه. وفاعل إنهار البنيان أي إنهار البنيان بالباني في نار جهنم، لأنه معصية وفعل لما كرهه الله تعالى، من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين.
ومن أمال (هار) فقد أحسن لما في الراء من التكرير، فكأنك لفظت براءين مكسورتين، وبحسب كثرة الكسرات تحسن الإمالة، ومن لم يمل فلأن ترك الإمالة هو الأصل وقوله (إلا أن تقطع قلوبهم): موضع (أن تقطع) نصب تقديره إلا على تقطع قلوبهم، غير أن حرف الإضافة يحذف مع أن، ولا يحذف مع المصدر، ومعنى (إلا) ههنا (حتى) لأنه استثناء من الزمان المستقبل، والاستثناء منه منته إليه فاجتمعت مع (حتى) في هذا الموضع على هذا المعنى.
النزول: قال المفسرون: إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء، وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن يأتيهم، فأتاهم وصلى فيه، فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف، فقالوا: نبني مسجدا، فنصلي فيه، ولا نحضر جماعة محمد، وكانوا اثني عشر رجلا، وقيل: خمسة عشر رجلا، منهم ثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، ونبتل بن الحرث. فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء، فلما فرغوا منه، أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله! إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة، والحاجة، والليلة المطيرة، والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي فيه لنا، وتدعو بالبركة. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إني على جناح سفر، ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله، فصلينا لكم فيه. فلما انصرف رسول الله من تبوك، نزلت عليه الآية في شأن المسجد.
المعنى: ثم ذكر سبحانه جماعة أخرى من المنافقين بنوا مسجدا، للتفريق بين المسلمين، وطلب الغوائل للمؤمنين، فقال: (والذين اتخذوا مسجدا) والمسجد:
موضع السجود في الأصل، وصار بالعرف اسما لبقعة مخصوصة بنيت للصلاة، فالاسم عرفي فيه معنى اللغة (ضرارا) أي مضارة، يعني الضرر بأهل مسجد قباء، أو مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ليقل الجمع فيه (وكفرا) أي: ولإقامة الكفر فيه.
وقيل: أراد أنه كان اتخاذهم ذلك كفرا بالله. وقيل: ليكفروا فيه بالطعن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والإسلام.
(وتفريقا بين المؤمنين) أي: لاختلاف الكلمة، وإبطال الإلفة، وتفريق