الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل) أي:
أرصدوا ذلك المسجد، واتخذوه، وأعدوا لأبي عامر الراهب، وهو الذي حارب الله ورسوله من قبل، وكان من قصته أنه كان قد ترهب في الجاهلية، ولبس المسوح، فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، المدينة، حسده، وحزب عليه الأحزاب، ثم هرب بعد فتح مكة إلى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف، لحق بالشام، وخرج إلى الروم، وتنصر وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة الذي قتل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يوم أحد، وكان جنبا فغسلته الملائكة، وسمى رسول الله صلى الله عليه وآله مسلم، أبا عامر الفاسق. وكان قد أرسل إلى المنافقين أن استعدوا، وابنوا مسجدا، فإني أذهب إلى قيصر، وآتي من عنده بجنود، وأخرج محمدا من المدينة، فكان هؤلاء المنافقون يتوقعون أن يجيئهم أبو عامر، فمات قبل أن يبلغ ملك الروم.
(وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى) معناه: أن هؤلاء يحلفون كاذبين: ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا الفعلة الحسنى، من التوسعة على أهل الضعف، والعلة من المسلمين، فأطلع الله نبيه على فساد طويتهم (1)، وخبث سريرتهم، فقال: (والله يشهد أنهم لكاذبون) وكفى لمن يشهد الله سبحانه بكذبه خزيا، فوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عند قدومه من تبوك، عاصم بن عوف العجلاني، ومالك بن الدخشم، وكان مالك من بني عمرو بن عوف، فقال لهما: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدماه، وحرقاه. وروي أنه بعث عمار بن ياسر ووحشيا، فحرقاه، وأمر بأن يتخذ كناسة يلقى فيها الجيف.
ثم نهى الله سبحانه أن يقوم في هذا المسجد، فقال: (لا تقم فيه أبدا) أي لا تصل فيه أبدا، يقال فلان يقوم بالليل أي: يصلي، ثم أقسم فقال (لمسجد) أي: والله لمسجد (أسس على التقوى) أي: بني أصله على تقوى الله، وطاعته (من أول يوم) أي: منذ أول يوم وضع أساسه، عن المبرد (أحق أن تقوم فيه) أي: أولى بأن تصلي فيه.
واختلف في هذا المسجد، فقيل: هو مسجد قباء، عن ابن عباس، والحسن، وعروة بن الزبير. وقيل: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن زيد بن