مفعول له، وكذلك ما بعده. والمعنى: اتخذوه للضرار والكفر والتفريق والإرصاد، فلما حذف اللام أفضى الفعل، فنصب. ويجوز أن يكون مصدرا محمولا على المعنى، لأن اتخاذهم المسجد على غير التقوى، معناه: ضاروا به ضرارا من أول يوم دخلت من في الزمان، والأصل منذ ومذ، هذا الأكثر استعمالا في الزمان، ومن جائز دخولها أيضا، لأنها الأصل في ابتداء الغاية والتبعيض، ومنه قول زهير:
لمن الديار بقنة الحجر أقوين من حجج، ومن شهر (1) ويروى من دهر، وقد قيل: إن المعنى من مر حجج، ومن مر شهر، وأن تقوم في موضع نصب أي: أحق بأن تقوم فيه، وفيه منصوب الموضع بقوله (تقوم) وفيه من قوله (فيه رجال) في موضع رفع، لأنه خبر مبتدأ مقدم عليه، والمبتدأ (رجال) ولا يجوز أن يكون مرفوع الموضع بكونه وصفا لمسجد، بل هو على الاستئناف والوقف التام على قوله: (أحق أن تقوم فيه) ثم استؤنف الكلام فقيل: (فيه رجال)، وإنما قلنا ذلك، لأنك لو جعلت الظرف الذي هو (فيه) وصفا لمسجد، لكنت فصلت بين النكرة وصفتها، بالخبر الذي هو أحق. وقوله (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله) قال أبو علي: القول فيه أنه يجوز أن تكون المعادلة وقعت بين البانيين، ويجوز أن يكون بين البنائين، فإذا عادلت بين البانيين، كان المعنى المؤسس بنيانه متقيا خير، أم المؤسس بنيانه غير متق، لأن قوله (على شفا جرف) يدل على أن بانيه غير متق لله تعالى، ولا خاش له، ويجوز أن يقدر حذف المضاف كأنه قال: أبناء من أسس بنيانه متقيا خير، أم بناء من أسس بنيانه على شفا جرف.
والبنيان: مصدر أوقع على المبنى مثل الخلق إذا عنيت به المخلوق، وضرب الأمير إذا عنيت به المضروب، وكذلك نسج اليمن، يدلك على ذلك أنه لا يخلو من أن يراد به اسم الحدث، أو اسم العين، فلا يجوز أن يكون الحدث، لأنه إنما يؤسس المبنى الذي هو عين، ويبين ذلك أيضا قوله (على شفا جرف) والحدث لا يعلو شفا جرف، والجار في قوله (على تقوى من الله) وقوله (على شفا جرف هار) في موضع نصب على الحال، تقديره أفمن أسس بنيانه متقيا، خيرا، أم من أسس