فمن بعدهم، مع ما روينا عن ابن عمر في المسح على العصابة ".
قلت: فأنت ترى البيهقي قد اعتمد في الباب على أقوال الفقهاء وأثر ابن عمر المشار إليه آنفا، فلو كان الحديث قويا بهذه الطرق لاحتج البيهقي بذلك، لأنه من القائلين بتقوية الحديث بكثرة الطرق، ولكنه لم يفعل مع احتياجه للحديث، وذلك لشدة ضعف طرقه كما بينا.
ولذلك ذهب ابن حزم إلى أنه لا يشرع المسح على الجبيرة، قال (2 / 74 - 75):
" برهان ذلك قول الله تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) *، وقول رسول الله (ص): " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "، فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء، وكان التعويض منه شرعا، والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله، فسقط القول بذلك ".
ثم ذكر عن الشعبي ما يوافق قوله، ومثله عن داود وأصحابه، وهو الحق إن شاء الله.
وأجاب عن أثر ابن عمر المتقدم بأنه فعل منه رضي الله عنه وليس إيجابا للمسح عليها، وقد صح عنه أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل، ولا يشرع ذلك، فضلا عن أن يكون فرضا!