النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك أن مسلما روى هذا الحديث عن أبي خيثمة عن أبي الزبير عن جابر إلى قوله غيروا هذا الشئ فحسب ولم يزد فيه قوله واجتنبوا السواد وقد سأل زهير أبا الزبير هل قال جابر في حديثه جنبوه السواد فأنكر وقال لا ففي مسند أحمد حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن وأحمد بن عبد الملك قالا حدثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة أو جاء عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام أو مثل الثغامة قال حسن فأمر به إلى نسائه قال غيروا هذا الشيب قال حسن قال زهير قلت لأبي الزبير قال جنبوه السواد قال لا انتهى وزهير هذا هو زهير بن معاوية المكنى بأبي خيثمة أحد الثقات الأثبات وحسن هذا هو حسن بن موسى أحد الثقات ورد هذا الجواب بأن حديث جابر هذا رواه ابن جرير والليث بن سعد وهما ثقتان ثبتان عن أبي الزبير عنه مع زيادة قوله واجتنوا السواد كما عند مسلم وأحمد وغيرهما وزيادة الثقات الحفاظ مقبولة والأصل عدم الادراج وأما قول أبي الزبير لا في جواب سؤال زهير فمبني عليه أنه قد نسي هذه الزيادة وكم من محدث قال قد نسي حديثه بعدما أحدثه وخضب ابن جريج بالسواد لا يستلزم كون هذه الزيادة مدرجة كما لا يخفى ومنها حديث ابن عباس رواه أبو داود وغيره عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كخواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة فهذا الحديث صريح في حرمة الخضاب بالسواد وأجاب المجوزون عن هذا الحديث بوجوه ثلاثة الأول: أن في سند عبد الكريم بن أبي المخارق أبا أمية كما صرح به ابن الجوزي وهو ضعيف لا يحتج بحديثه وقد رد هذا الجواب بأن عبد الكريم هذا ليس هو ابن المخارق أبا أمية بل هو عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد وهو من الثقات قال الحافظ بن حجر في القول المسدد أخطأ ابن الجوزي فإنما فيه عبد الكريم الجزري الثقة المخرج له في الصحيح انتهى وقال الحافظ المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث ذهب بعضهم إلى أن عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق وضعف الحديث بسببه والصواب أنه عبد الكريم بن مالك الجزري وهو ثقة احتج به الشيخان وغيرهما انتهى والثاني: أن الوعيد الشديد المذكور في هذا الحديث ليس على الخضب بالسواد بل على
(٣٥٩)