معصية أخرى لم تذكر كما قال الحافظ ابن أبي عاصم ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد وقد عرفت وجود طائفة قد خضبوا بالسواد في أول الزمان وبعده من الصحابة والتابعين وغيرهم رضي الله عنهم فظهر أن الوعيد المذكور ليس على الخضب بالسواد إذا لو كان الوعيد على الخضب بالسواد لم يكن لذكر قوله في آخر الزمان فائدة فالاستدلال بهذا الحديث على كراهة الخضب بالسواد ليس بصحيح والثالث: أن المراد بالخضب بالسواد في هذا الحديث الخضب به لغرض التلبيس والخداع لا مطلقا جمعا بين الأحاديث المختلفة وهو حرام بالاتفاق ومنها حديث أنس رواه أحمد في مسنده عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب ولا تقربوه السواد وأجيب عنه بأن في سنده ابن لهيعة وهو ضعيف قال الحافظ في التلخيص قال البيهقي أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة وترك الاحتجاج بما ينفرد به انتهى ثم هو مدلس ورواه عن خالد بن أبي عمران بالعنعنة ومنها حديث أبي الدرداء مرفوعا من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة أخرجه الطبراني وابن أبي عاصم ومنها حديث ابن عمر مرفوعا الصفرة خضاب المؤمن والحمرة خضاب المسلم والسواد خضاب الكافر أخرجه الطبراني والحاكم ومنها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه من غير البياض بالسواد لم ينظر الله إليه ذكره الحافظ في لسان الميزان وأجيب عن هذه الأحاديث الثلاثة بأنها ضعيفة لا يصلح واحد منها للاحتجاج أما الأول: فقد ضعفه الحافظ في الفتح كما عرفت وأما الثاني فقال المناوي في التيسير أنه منكر وأما الثالث ففي سنده محمد بن مسلم العنبري وهو ضعيف كما في الميزان واللسان هذا وقد ذكرنا دلائل المجوزين والمانعين مع بيان مالها وما عليها فعليك أن تتأمل فيها وقد جمع الحافظ ابن القيم في زاد المعاد بين حديث جابر وحديث ابن عباس المذكورين بوجهين فقال فإن قيل قد ثبت في صحيح مسلم النهي عن الخضاب بالسواد والكتم يسود الشعر فالجواب من وجهين أحدهما أن النهي عن التسويد البحت فأما إذا أضيف إلى الحناء شئ آخر كالكتم ونحوه فلا بأس به فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود بخلاف الوسمة فإنها
(٣٦٠)