بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة وسنده لين ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل واختاره الحليمي وأما خضب اليدين والرجلين فلا يجوز للرجال إلا في التداوي انتهى كلام الحافظ قلت: من أجاز الخضاب بالسواد استدل بأحاديث منها حديث أبي هريرة المذكور فإن قوله صلى الله عليه وسلم: غيروا الشيب بإطلاقه يشمل التغير بالسواد أيضا ووقع في رواية البخاري وغيره " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " قال الحافظ ابن أبي عاصم قوله فخالفوهم إباحة منه أن يغيروا الشيب بكل ما شاء المغير له إذ لم يتضمن قوله خالفوهم أن أصبغوا بكذا وكذا دون كذا وكذا انتهى ومنها حديث جابر قال أتى بأبي قحافة أو جاء عام الفتح أو يوم الفتح وبرأسه ولحيته مثل الثغام أو الثغامة فأمر أو فأمر به إلى نسائه قال غيروا هذا بشئ فإن قوله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا بشئ بإطلاقه يشمل التغيير بالسواد أيضا وأجاب المانعون عن هذين الحديثين بأن المراد بالتغيير فيهما بغير السواد فإن حديث جابر هذا رواه مسلم من طرق ابن جريج عن أبي الزبير عنه وزاد واجتنبوا السواد في هذه الزيادة دلالة واضحة على أن المراد بالتغيير في الحديثين المذكورين التغيير بغير السواد وأجابا المجوزون عن هذه الزيادة بأن في كونها من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرا ويؤيده أن ابن جريج راوي الحديث عن أبي الزبير كان يخضب بالسواد كما ستقف عليه ومنها حديث أبي ذر المذكور فإنه يدل على استحباب الخضاب بالحناء مخلوطا بالكتم وهو يسود الشعر وأجيب عنه بأن الخلط يختلف فإن غلب الكتم أسود وكذا إن استويا وإن غلب الحناء أحمر والمراد بالخلط في الحديث إذا كان الحناء غالبا على الكتم جمعا بين الأحاديث وفيه أن الحديث مطلق ليس مقيدا بصورة دون صورة ووجه الجمع ليس بمنحصر فيما ذكر ومنها حديث صهيب رواه ابن ماجة قال حدثنا أبو هريرة الصيرفي محمد بن فراس حدثنا عمر بن الخطاب بن زكريا الراسي حدثنا دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي عن أبيه على جده صهيب الخير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد أرغب لنسائكم فيكم وأهيب لكم في صدور عدوكم ويؤيد هذا الحديث ما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كان يأمر بالخضاب بالسواد ويقول هو تسكين للزوجة وأهيب للعدور وذكره العيني في العمدة
(٣٥٦)