الحدقة والله منزه عن ذلك فهو بمعنى الاحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية وقوله يوم القيامة إشارة إلى أنه محل الرحمة المستمرة رحمة الدنيا فإنها قد تنقطع بما يتجدد من الحوادث ويؤيده ما ذكر من حمل النظر على الرحمة أو المقت ما أخرجه الطبراني وأصله في أبي داود من حديث أبي جري أن رجلا ممن كان قبلكم لبس بردة فتبختر فيها فنظر الله إليه فمقته فأمر الأرض فأخذته الحديث انتهى قلت الأولى بل المتعين أن يحمل ما ورد من النظر ونحوه من صفات الله تعالى على ظاهره من غير تأويل وقد تقدم الكلام في هذه المسألة مرارا (إلى من جر ثوبه) هو شامل للإزار والرداء وغيرهما وروى أبو داود والنسائي وابن ماجة من رواية سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الاسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (خيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتية وبالمد قال النووي هو والمخيلة والبطر والكبر والزهو والتبختر كلها متقاربة قوله: (وفي الباب عن حذيفة وأبي سعيد وأبي هريرة وسمرة وأبي ذر وعائشة وهبيب بن مغفل) أما حديث حذيفة فأخرجه ابن ماجة في باب موضع الإزار أين هو وأما حديث أبي سعيد فأخرجه أبو داود وابن ماجة وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان وأما حديث سمرة فأخرجه أحمد وأما حديث أبي ذر فأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأما حديث عائشة فأخرجه البيهقي وفيه لا ينظر الله إلى مسبل وأما حديث هبيب بن مغفل فأخرجه أحمد بإسناد جيد وأبو يعلى والطبراني وهبيب بضم الهاء وفتح الموحدة مصغرا ومغفل بضم الميم وسكون المعجمة وكسر الفاء وقال الذهبي في التجريد قيل لوالد هبيب مغفل لأنه أغفل سمة إبله قوله: (حديث ابن عمر حديث حسن صحيح) وأخرجه مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة تنبيه قال الحافظ في الفتح في هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضا لكن استدل بالتقييد في هذه الأحاديث بالخيلاء على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد هنا فلا يحرم الجر والإسبال إذا سلم من الخيلاء قال ابن عبد البر مفهومه أن الجر لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا
(٣٣٠)