ومن أدلتهم حديث رافع بن خديج عند أبي داود قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خطوط عهن حمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أرى هذه الحمرة قد علتكم فقمنا سراعا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حنى نفر بعض إبلنا فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها وهذا الحديث لا تقوم به حجة لأن في إسناده رجلا مجهولا ومن أدلتهم حديث أن امرأة من بني أسد قالت قلت يوما عند زينب امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصبغ ثيابا لها بمغرة فبينا نحن كذلك إذا طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى المغرة رجع فلما رأت زينب علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كره ما فعلت فأخذت فغسلت ثيابها ووارت كل حمرة ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع فاطلع فلما لم ير شيئا دخل أخرجه أبو داود وقال الحافظ وفي سنده ضعف وقال المنذري في إسناده إسماعيل بن عياش وابنه محمد بن إسماعيل بن عياش وفيهما مقال انتهى ومن أقوى حججهم ما في صحيح البخاري من النهي عن المياثر الحمر وكذلك ما في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة والترمذي من حديث علي قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي والميثرة الحمراء ولكنه لا يخفى عليك أن هذا الدليل أخص من الدعوى وغاية ما في ذلك تحريم الميثرة الحمراء فما الدليل على تحريم ما عداها مع ثبوت لبس النبي صلى الله عليه وسلم له مرات ومن أصرح أدلتهم حديث رافع بن برد أو رافع بن خديج كما قال ابن قانع مرفوعا بلفظ من أن الشيطان يحب الحمرة فإياكم والحمرة وكل ثوب ذي شهرة أخرجه الحاكم في الكني وأبو نعيم في المعرفة وابن قانع وابن السكن وابن منده وابن عدي ويشهد له ما أخرجه الطبراني عن عمران بن حصين مرفوعا بلفظ إياكم والحمرة فإنها أحب الزينة إلى الشيطان وأخرج نحوه عبد الرزاق من حديث الحسن مرسلا قال الشوكاني وهذا إن صح كان أنص أدلتهم على المنع ولكنك قد عرفت لبسه صلى الله عليه وسلم للحلة الحمراء في غير مرة ويبعد منه صلى الله عليه وسلم أن يلبس ما حذرنا من لبسه معللا ذلك بأن الشيطان يحب الحمرة ولا يصح أن يقال ههنا فعله لا يعارض القول الخاص بنا كما صرح بذلك أئمة الأصول لأن تلك العلة مشعرة بعدم اختصاص الخطاب بنا إذ تجنب ما يلابسه الشيطان هو صلى الله عليه وسلم أحق الناس به فإن قلت: فما الراجح إن صح ذلك الحديث قلت: قد تقرر في الأصول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا فعل فعلا لم يصاحبه دليل خاص يدل على التأسي به فيه كان مخصصا له عن عموم القول الشامل له بطريق الظهور فيكون
(٣٢٠)