كون جميع الخلق يصعقون مع أن الموتى لا احساس لهم فقيل المراد أن الذين يصعقون هم الاحياء وأما الموتى فهم في الاستثناء في قوله تعالى الا من شاء الله أي الا من سبق له الموت قبل ذلك فإنه لا يصعق والى هذ جنح القرطبي ولا يعارضه ما ورد في هذا الحديث ان موسى ممن استثني الله لان الأنبياء أحياء عند الله وان كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا وقد ثبت ذلك للشهداء ولا شك ان الأنبياء أرفع رتبة من الشهداء وورد التصريح بان الشهداء ممن استثنى الله أخرجه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى من طريق زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة وقال عياض يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السماء والأرض وتعقبه القرطبي بأنه صرح صلى الله عليه وسلم بأنه حين يخرج من قبره يلقى موسى وهو متعلق بالعرش وهذا انما هو عند نفخة البعث انتهى ويرده قوله صريحا كما تقدم ان الناس يصعقون فأصعق معهم إلى آخر ما تقدم قال ويؤيده انه عبر بقوله أفاق لأنه انما يقال أفاق من الغشي وبعث من الموت وكذا عبر عن صعقة الطور بالإفاقة لأنها لم تكن موتا بلا شك وإذا تقرر ذلك كله ظهر صحة الحمل على انها غشية تحصل للناس في الموقف هذا حاصل كلامه وتعقبه (قوله فأكون أول من يفيق) لم تختلف الروايات في الصحيحين في اطلاق الأولية ووقع في رواية إبراهيم بن سعد عند أحمد والنسائي فأكون في أول من يفيق أخرجه أحمد عن أبي كامل والنسائي من طريق يونس بن محمد كلاهما عن إبراهيم فعرف ان اطلاق الأولية في غيرها محمول عليها وسببه التردد في موسى عليه السلام كما سيأتي وعلى هذا يحمل سائر ما ورد في هذا الباب كحديث أنس عند مسلم رفعه أنا أول من تنشق عنه الأرض وحديث عبد الله بن سلام عند الطبراني (قوله فإذا موسى باطش بجانب العرش) أي آخذ بشئ من العرش بقوة والبطش الاخذ بقوة وفي رواية ابن الفضل فإذا موسى آخذ بالعرش وفي حديث أبي سعيد آخذ بقائمة من قوائم العرش وكذا في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة (قوله فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله) أي فلم يكن ممن صعق أي فإن كان أفاق قبلي فهي فضيلة ظاهرة وإن كان ممن استثنى الله فلم يصعق فهي فضيلة أيضا ووقع في حديث أبي سعيد فلا أدري كان فيمن صعق أي فأفاق قبلي أم حوسب بصعقته الأولى أي التي صعقها لما سأل الرؤية وبين ذلك ابن الفضل في روايته بلفظ احوسب بصعقته يوم الطور والجمع بينه وبين قوله أو كان ممن استثنى الله ان في رواية ابن الفضل وحديث أبي سعيد بيان السبب في استثنائه وهو انه حوسب بصعقته يوم الطور فلم يكلف بصعقة أخرى والمراد بقوله ممن استثنى الله قوله الا من شاء الله وأغرب الداودي الشارح فقال معنى قوله استثنى الله أي جعله ثانيا كذا قال وهو غلط شنيع وقد وقع في مرسل الحسن في كتاب البعث لابن أبي الدنيا في هذا الحديث فلا أدري أكان ممن استثنى الله ان لا تصيبه النفخة أو بعث قبلي وزعم ابن القيم في كتاب الروح ان هذه الرواية وهو قوله أكان ممن استثنى الله وهم من بعض الرواة والمحفوظ أو جوزي بصعقة الطور قال لان الذين استثنى الله قد ماتوا من صعقة النفخة لا من الصعقة الأخرى فظن بعض الرواة ان هذه صعقة النفخة وان موسى داخل فيمن استثنى الله قال وهذا لا يلتئم على سياق الحديث فان الإفاقة حينئذ هي افاقة البعث فلا يحسن التردد فيها وأما الصعقة العامة فإنها تقع إذا جمعهم الله تعالى لفصل القضاء فيصعق الخلق حينئذ جميعا الا من
(٣١٩)