والميم المرادي ثقة عابد من صغار التابعين وقد وقع في الأطعمة عمرو بن مرة الجملي وأما شيخه مرة فهو ابن شراحبيل مخضرم ثقة عابد أيضا من كبار التابعين ويقال له مرة الطيب ومرة الخير (قوله كمل) بضم الميم وبفتحها (قوله ولم يكمل من النساء الا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران) استدل بهذا الحصر على أنهما نبيتان لان أكمل النوع الانساني الأنبياء ثم الأولياء والصديقون والشهداء فلو كانتا غير نبيتين للزم أن لا يكون في النساء ولية ولا صديقة ولا شهيدة والواقع أن هذه الصفات في كثير منهن موجودة فكانه قال ولم ينبأ من النساء الا فلانة وفلانة ولو قال لم تثبت صفة الصديقية أو الولاية أو الشهادة الا لفلانة وفلانة لم يصح لوجود ذلك في غيرهن الا أن يكون المراد في الحديث كمال غير الأنبياء فلا يتم الدليل على ذلك لأجل ذلك والله أعلم وعلى هذا فالمراد من تقدم زمانه صلى الله عليه وسلم ولم يتعرض لاحد من نساء زمانه الا لعائشة وليس فيه تصريح بأفضلية عائشة رضي الله عنها على غيرها لان فضل الثريد على غيره من الطعام انما هو لما فيه من تيسير المؤنة وسهولة الإساغة وكان أجل أطعمتهم يومئذ وكل هذه الخصال لا تسلتزم ثبوت الأفضلية له من كل جهة فقد يكون مفضولا بالنسبة لغيره من جهات أخرى وقد ورد في هذا الحديث من الزيادة بعد قوله ومريم ابنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد أخرجه الطبراني عن يوسف بن يعقوب القاضي عن عمرو بن مرزوق عن شعبة بالسند المذكور هنا وأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة عمرو بن مرة أحد رواته عند الطبراني بهذا الاسناد وأخرجه الثعلبي في تفسيره من طريق عمرو بن مرزوق به وقد ورد من طريق صحيح ما يقتضي أفضلية خديجة وفاطمة على غيرهما وذلك فيما سيأتي في قصة مريم من حديث علي بلفظ خير نسائها خديجة وجاء في طريق أخرى ما يقتضي أفضلية خديجة وفاطمة وذلك فيما أخرجه ابن حبان وأحمد وأبو يعلى والطبراني وأبو داود في كتاب الزهد والحاكم كلهم من طريق موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وله شاهد من حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني ولأحمد في حديث أبي سعيد رفعه فاطمة سيدة نساء أهل الجنة الا ما كان من مريم بنت عمران واسناده حسن وان ثبت ففيه حجة لمن قال إن آسية امرأة فرعون ليست نبيه وسيأتي في مناقب فاطمة قوله صلى الله عليه وسلم لها انها سيدة نساء أهل الجنة مع مزيد بسط لهذه المسئلة هناك إن شاء الله تعالى ويأتي في الأطعمة زيادة فيما يتعلق بالثريد قال القرطبي الصحيح أن مريم نبية لان الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها وقال الكرماني لا يلزم من لفظ الكمال ثبوت نبوتها لأنه يطلق لتمام الشئ وتناهيه في بابه فالمراد بلوغها النهاية في جميع الفضائل التي للنساء قال وقد نقل الاجماع على عدم نبوة النساء كذا قال وقد نقل عن الأشعري أن من النساء من نبئ وهن ست حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية ومريم والضابط عنده أن من جاءه الملك عن الله بحكم من أمر أو نهى أو باعلام مما سيأتي فهو نبي وقد ثبت مجئ الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك من عند الله عز وجل ووقع التصريح بالإيحاء لبعضهن في القرآن وذكر ابن حزم في الملل والنحل ان هذه المسئلة لم يحدث التنازع فيها الا في عصره بقرطبة وحكى عنهم أقوالا ثالثها الوقف
(٣٢١)