وحكى ابن التين انه ضبط في بعض الأصول فغط بفتح الغين والصواب ضمها ويمكن الجمع بأنه عوقب تارة بقبض يده وتارة بانصراعة وقوله فدعت من الدعاء في رواية الأعرج المذكورة ولفظه فقالت اللهم ان كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي الا على زوجي فلا تسلط علي الكافر ويجاب عن قولها ان كنت مع كونها قاطعة بأنه سبحانه وتعالى يعلم ذلك بأنها ذكرته على سبيل الفرض هضما لنفسها (قوله فقال ادعى الله لي ولا أضرك) في رواية مسلم فقال لها ادعى الله أن يطلق يدي ففعلت في رواية أبي الزناد المذكورة قال أبو سلمة قال أبو هريرة قالت اللهم ان يمت يقولوا هي التي قتلته قال فأرسل (قوله ثم تناولها الثانية) في رواية الأعرج ثم قام إليها فقامت توضأ وتصلي (قوله فاخذ مثلها أو أشد) في رواية مسلم فقبضت أشد من القبضة الأولى (قوله فدعا بعض حجبته) بفتح المهملة والجيم والموحدة جمع حاجب في رواية مسلم ودعا الذي جاء بها ولم أقف على اسمه (قوله انك لم تأتني بانسان انما آتيتني بشيطان في) رواية الأعرج ما أرسلتم إلي الا شيطانا ارجعوها إلى إبراهيم وهذا يناسب ما وقع له من الصرع والمراد بالشيطان المتمرد من الجن وكانوا قبل الاسلام يعظمون أمر الجن جدا ويرون كل ما وقع من الخوارق من فعلهم وتصرفهم (قوله فاخدمها هاجر) أي وهبها لها لتخدمها لأنه أعظمها ان تخدم نفسها وفي رواية مسلم فاخرجها من أرضي واعطها آجر ذكرها بهمزة بدل الهاء وهي كذلك في رواية الأعرج والجيم مفتوحة على كل حال وهي اسم سرياني ويقال ان أباها كان من ملوك القبط وانها من حفن بفتح المهملة وسكون الفاء قرية بمصر قال اليعقوبي كانت مدينة انتهى وهي الآن كفر من عمل أنصنا بالبر الشرقي من الصعيد في مقابلة الأشمونين وفيها آثار عظيمة باقية (قوله فاتته) في رواية الأعرج فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم (قوله مهيم) في رواية المستملي مهيا وفي رواية ابن السكن مهين بنون وهي بدل الميم وكان المستملي لما سمعها بنون ظنها نون تنوين ويقال ان الخليل أول من قال هذه الكلمة ومعناها ما الخبر (قوله رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره) هذا مثل تقوله العرب لمن أراد أمرا باطلا فلم يصل إليه ووقع في رواية الأعرج أشعرت ان الله كبت الكافر وأخدم وليدة أي جارية للخدمة وكبت بفتح الكاف والموحدة ثم مثناة أي رده خاسئا ويقال أصله كبد أي بلغ الهم كبده ثم أبدلت الدال مثناة ويحتمل أن يكون واخدم معطوفا على كببت ويحتمل أن يكون فاعل أخدم هو الكافر فيكون استئنافا (قوله قال أبو هريرة تلك أمكم يا بني ماء السماء) كأنه خاطب بذلك العرب لكثرة ملازمتهم للفلوات التي بها مواقع القطر لأجل رعى دوابهم ففيه تمسك لمن زعم أن العرب كلهم من ولد إسماعيل وقيل أراد بماء السماء زمزم لان الله أنبعها لهاجر فعاش ولدها بها فصاروا كأنهم أولادها قال ابن حبان في صحيحه كل من كان من ولد إسماعيل يقال له ماء السماء لان إسماعيل ولد هاجر وقد ربي بماء زمزم وهي من ماء السماء وقيل سموا بذلك لخلوص نسبهم وصفائه فأشبه ماء السماء وعلى هذا فلا متمسك فيه وقيل المراد بماء السماء عامر والد عمرو بن عامر بن بقيا بن حارثة بن العطريف وهو جد الأوس والخزرج قالوا انما سمي بذلك لأنه كان إذا قحط الناس أقام لهم ماله مقام المطر وهذا أيضا على القول بان العرب كلها من ولد إسماعيل وسيأتي زيادة في هذه المسألة في أوائل المناقب إن شاء الله تعالى وفي الحديث مشروعية أخوة الاسلام وإباحة المعاريض والرخصة في الانقياد للظالم
(٢٨٠)