ونكست رأسي فدفعت فقلت لهم ان الرسول لا يفعل به هذا (قوله ما أنتم) هكذا خاطبه بصيغة من لا يعقل احتقارا له وفي رواية ابن أبي شيبة فقال إنكم معشر العرب أصابكم جوع وجهد فجئتم فان شئتم مرناكم بكسر الميم وسكون الراء أي أعطيناكم الميرة أي الزاد ورجعتم وفي رواية الطبري انكم معشر العرب أطول الناس جوعا وأبعد الناس من كل خير وما منعني أن آمر هؤلاء الأساورة أن ينتظموكم بالنشاب الا تنجسا لجيفكم قال فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت ما أخطأت شيا من صفتنا كذلك كنا حتى بعث الله إلينا رسوله (قوله نعرف أباه وأمه) زاد في رواية ابن أبي شيبة في شرف منا أوسطنا حسبا واصدقنا حديثا (قوله فامرنا نبينا رسول ربنا ان نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية) هذا القدر هو الذي يحتاج إليه في هذا الباب وفيه اخبار المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال المجوس حتى يؤدوا الجزية ففيه دفع لقول من زعم أن عبد الرحمن بن عوف تفرد بذلك وزاد في رواية الطبري وانا والله لا نرجع إلى ذلك الشقاء حتى نغلبكم على ما في أيديكم (قوله فقال النعمان) هكذا وقع في هذه الرواية مختصرا قال ابن بطال قول النعمان للمغيرة ربما أشهدك الله مثلها أي مثل هذه الشدة وقوله فلم يندمك أي ما لقيت معه من الشدة ولم يحزنك أي لو قتلت معه لعلمك بما تصير إليه من النعيم وثواب الشهادة قال وقوله ولكني شهدت الخ كلام مستأنف وابتداء قصة أخرى اه وقد بين مبارك بن فضالة في روايته عن زياد بن جبير ارتباط كلام النعمان بما قبله وبسياقه يتبين أنه ليس قصة مستأنفة وحاصله ان المغيرة أنكر على النعمان تأخير القتال فاعتذر النعمان بما قاله وما أول به قوله فلم يندمك الخ فيه أيضا نظر والذي يظهر أنه أراد بقوله فلم يندمك اي على التأني والصبر حتى تزول الشمس وقوله ولم يحزنك شرحه على أنه بالمهملة والنون من الحزن وفي رواية المستملي بالخاء المعجمة بغير نون وهو أوجه لوفاق ما قبله وهو نظير ما تقدم في وفد عبد القيس غير خزايا ولا ندامى ولفظ مبارك ملخصا انهم أرسلوا إليهم اما أن تعبروا إلينا النهر أو نعبر إليكم قال النعمان اعبروا إليهم قال فتلاقوا وقد قرن بعضهم بعضا وألقوا حسك الحديد خلفهم لئلا يفروا قال فرأى المغيرة كثرتهم فقال لم أر كاليوم فشلا أن عدونا يتركون يتأهبون أما والله لو كان الامر إلي لقد أعجلتهم وفي رواية ابن أبي شيبة فصاففناهم فرشقونا حتى أسرعوا فينا فقال المغيرة للنعمان انه قد أسرع في الناس فلو حملت فقال النعمان انك لذو مناقب وقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلها وفي رواية الطبري قد كان الله أشهدك أمثالها والله ما منعني ان أناجزهم الا شئ شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله حتى تهب الأرواح) جمع ريح وأصله الواو لكن لما انكسر ما قبل الواو الساكنة انقلبت ياء والجمع يرد الأشياء إلى أصولها وقد حكى ابن جنى جمع ريح على أرياح (قوله وتحضر الصلوات) في رواية ابن أبي شيبة وتزول الشمس وهو بالمعنى وزاد في رواية الطبري ويطيب القتال وفي رواية ابن أبي شيبة وينزل النصر وزادا معا واللفظ لمبارك بن فضالة عن زياد بن جبير فقال النعمان اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الاسلام وذل الكفر والشهادة لي ثم قال إني هاز اللواء فتيسروا للقتال وفي رواية ابن أبي شيبة فليقض الرجل حاجته وليتوضأ ثم هازه الثانية فتأهبوا وفي رواية ابن أبي شيبة فلينظر الرجل إلى نفسه ويرمي من سلاحه ثم هازه الثالثة فاحملوا ولا يلوين أحد على أحد
(١٩٠)