أبيه (عليهم السلام): أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل: (الحمد لله رب العالمين) ما تفسيره؟
فقال: الحمد لله، هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى، أو تعرف.
فقال لهم: قولوا: الحمد لله على ما أنعم به علينا رب العالمين، وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات، والحيوانات.
وأما الحيوانات، فهو يقلبها في قدرته، ويغذوها من رزقه، ويحوطها بكنفه، ويدبر كلا منها بمصلحته.
وأما الجمادات، فهو يمسكها بقدرته، ويمسك المتصل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره، إنه بعباده لرؤف رحيم.
وقال (عليه السلام): رب العالمين، مالكهم، وخالقهم، وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون.
ومن حيث لا يعلمون، فالرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم على أي سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه ستر وهو طالبه، فلو أن أحدكم يفر من رزقه لطلبه رزقه كما يطلبه الموت.
فقال الله جل جلاله: قولوا: الحمد لله على ما أنعم به علينا، وذكرنا به من خير في كتب الأولين قبل أن نكون.
ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران (عليه السلام)، واصطفاه نجيا، وفلق له البحر، ونجا بني إسرائيل، وأعطاه التورية والألواح، رأى مكانه من ربه عز وجل.