هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد، لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة وفي هذا ما فيه، أو يكون نهى عن الحديث وهو مبلغ سنن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المسلمين وألزمهم كتمانها وجحدها وأن لا يذكروها لأحد وهذا خروج عن الإسلام، وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك لئن كان سائر الصحابة متهمين بالكذب على النبي (صلى الله عليه وسلم) فما عمر إلا واحد منهم وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا، ولئن حبسهم وهم غير متهمين لقد ظلمهم فليختر المحتج لمذهبه الفاسد بمثل هذه الروايات الملعونة أي الطريقتين الخبيثتين شاء ولابد أحدهما " (1).
أقول: صحح الحاكم والذهبي هذا الحديث ونقله الدارمي وابن ماجة ومسلم وغيرهم من الأعلام وتلقوه بالقبول من دون أي غمض، فإذا أي قيمة لهذا التضعيف وإنما ألجأه إلى هذا القول التعصب للباطل وعدم الشجاعة على الإجهار بالحق، وهنا كلام للعلامة المجاهد الأميني (قدس سره) في الغدير 6: 296 ننقله بتمامه وإن طال، فإنه رضوان الله عليه أجاد فيما أفاد وجاء بما فوق المراد.
قال الأميني: " هل خفي على الخليفة: أن ظاهر الكتاب لا يغني الأمة عن السنة وهي لا تفارقه حتى يردا على النبي الحوض، وحاجة الأمة إلى السنة لا تقصر عن حاجتها إلى ظاهر الكتاب، والكتاب كما قال الأوزاعي ومكحول أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب (جامع بيان العلم 2: 191).
أو رأى هناك أناسا لعبوا بها بوضع أحاديث على النبي الأقدس - وحقا رأى - فهم قطع جراثيم التقول عليه (صلى الله عليه وآله)، وتقصير تلكم الأيدي الأثيمة عن السنة الشريفة، فإن كان هذا أو ذلك فما ذنب مثل أبي ذر المنوه بصدقه وبقول النبي الأعظم: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على رجل أصدق لهجة من أبي