وأقواله وأفعاله ودينه، وما جاء به من الله تعالى، وفصلنا القول في علة هذا العمل وبواعثه، ولكن اتباع مدرسته عللوا عمل المنع عن نشر الحديث ونقله بوجوه:
منها: أن وجه قول عمر إنما كان لقوم لم يكونوا أحصوا القرآن، فخشي عليهم الاشتغال بغيره، إذ هو الأصل لكل علم.
منها: أن عمر إنما نهى الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة.
منها: أن نهيه عن الإكثار وأمره بالإقلال من الرواية عن رسول الله " إنما كان خوف الكذب على رسول الله " وخوفا من أن يكون مع الاكثار يحدثون بما لا يتيقنوا حفظه (1).
ومنها: أنه فعل ذلك احتياطا للدين وحسن نظر للمسلمين، لأنه خاف أن يتكلوا عن الأعمال ويتكلموا على ظاهر الأخبار.
ولا يخفى بطلان هذه التوجيهات بعد الإحاطة بما قدمناه مضافا إلى أن هذه الوجوه لا توجب المنع مطلقا، ولا توجب أن يكون حديث الصحابة شر حديث، ولم يقل لهم: لا تكذبوا بل قال: جردوا القرآن وأقلوا ولا تشغلوهم عن القرآن، لأن هذه المذكورات لا تناسب هذه الوجوه.
ولأجل بطلان هذه الوجوه اضطر العجاج إلى تكذيب حديث قرظة بن كعب، ولا باس ينقل كلامه بلفظه، قال بعد نقل كلام هؤلاء بطوله:
" ان المرء ليقف متسائلا أمام هذا الخبر ويقر به الشك فيه ويتبادر إلى نفسه أن يتساءل عن الحد الذي يمكن أن يعرف به الإقلال والإكثار، وقد ناقش الإمام ابن حزم هذا ورده وقال:
هذا مرسل ومشكوك فيه من (شعبة) فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به، ثم