يزيدون فيها متعمدا " وليس في الحديث هذه الكلمة، وفسروا الكذب بأنه الإخبار بالشئ على خلاف ما هو عليه وإن كان عن غير عمد، نعم هو كذب الخبر وليس مورد للتكليف، بل الحرام هو كذب المخبر ولا يتحقق إلا بالتعمد، والممنوع هو الكذب عن عمد بافتعال الحديث ووضع الأكاذيب، لا نقل الحديث باللفظ أو المعنى تحريا الصدق والواقع، نعم لو نقل شيئا لا يعلمه وجاء به على نحو القطع يكون كذبا أيضا، وعن ابن حجر " والمخطئ وإن كان غير مأثوم بالإجماع، ولكن الزبير - ومن ترك الحديث احترازا عن الكذب - خشي من الإكثار أن يقع في الخطأ وهو لا يشعر، لأنه وإن لم يأثم بالخطأ لكن قد يأثم بالإكثار، مظنة الخطأ " (1).
وأنت تعلم أن هذا الاحتياط المفضي إلى انعدام السنة وانهدام الدين غير جائز، بل الواجب عليهم في حفظه كتابة الحديث وضبطه بالدقة الكاملة حتى لا يقعوا في خلاف الواقع، ويأتمروا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تبليغ الدين في قوله (صلى الله عليه وآله) " نضر الله وجع عبد سمع مقالتي فوعاها، وبلغها إلى من لم يبلغها... " (2).
ولعمري هذا واضح لامرية فيه، ولكن قريشا منعت الكتابة وأحرقت الكتب والصحائف حتى بلغ الأمر إلى هذا الحد، وعلى كل نجحت قريش في منعهم كتابة الأحاديث ثم في منعهم نشر الحديث ثم في تلبيسهم هذه الجناية العظيمة لباس التقوى.
ولا بأس بالإشارة إلى نماذج من عمل الصحابة رضي الله عنهم.
قال عمرو بن ميمون: " جلست إلى عبد الله [بن مسعود] أظنه قال: سنة فما سمعناه يحدث فيها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا أنه تحدث يوما، فجرى على لسانه قال